كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

إمامًا؛ ليؤتم به، ويُقتدى به في أفعاله. وقال: «وإذا كبَّرَ؛ فكبروا ... ، وإذا صلَّى جالسًا، فَصَلُّوا جلوسًا أجمعون»، وما قبل الصلاة جالسًا لم يُنسخ منه شَيْئ، فكذلك القعود؛ لأنَّ الجميع مرتَّب على أنَّ الإمام يؤتم به، ويُقتدى به.
ومنها: أنه جعل القعود خلفه من طاعة الأمراء، وهو من طاعته، كما في «مسند أحمد» (¬١) من حديث ابن عمر، وفيه قال: «فإنَّ من طاعة الله أن تطيعوني، ومن طاعتي أن تطيعوا أمراءكم، فإذا صلوا قعودًا، فصلوا قعودًا».
وفي رواية: «ومن طاعتي أن تطيعوا أئمتكم»، ومنها: أنه جعل القيام خلف الإمام الجالس من جنس فعل فارس، والروم بعظمائها، حيث يقومون، وملوكهم جلوس. اهـ
ثم ذكر حديث جابر في «صحيح مسلم» (¬٢) بهذا المعنى.
وأما الجواب عن جلوس النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في مرض موته، وصلاة من خلفه قائمين، فمن وجهين:
أحدهما: أنَّ المؤتمين بأبي بكر ائتموا بإمام ابتدأ بهم الصلاة، وهو قائم، فيقال: إنْ ابتدأ بهم الإمام الصلاة جالسًا؛ صلوا وراءه جلوسًا، وإنْ ابتدأ بهم قائمًا، ثم اعتلَّ فجلس؛ أتموا خلفه قيامًا، وهذا جواب الإمام أحمد، وأصحابه.
الثاني: أن تُحمل أحاديث الأمر بالقعود على الاستحباب، ويُحمل القيام
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (٢/ ٩٣) بإسناد صحيح، وهو في «الصحيح المسند» للشيخ -رحمه الله- (٧٤٩).
(¬٢) أخرجه مسلم برقم (٤١٣).

الصفحة 52