كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

فالحديث ضعيفٌ، لا يثبت، ورواية زياد بن مِخراق عند البخاري في «الأدب المفرد» (٨).
وقد استدل جماعة من أهل العلم بالحديث المذكور على توجيه الميت إلى القبلة في القبر، وهو لا يثبت كما تقدم، لكن ذكر ابن حزم -رحمه الله- في «المحلَّى» أنَّ هذا عمل المسلمين من عهد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى يومنا هذا، وعليه؛ فهذا يُغني عن الحديث المتقدم؛ لضعفه.
قلتُ: ويمكن أن يستدل على توجيه الميت المسلم في القبر إلى القبلة بحديث الصلاة على القبر؛ في الصحيحين وغيرهما، عن عدد من الصحابة؛ فإنه لا يصلى على القبر؛ إلا مع توجيهه إلى القبلة، وهذا واضح بين.
ولكن هل توجيهه إلى القبلة على سبيل الوجوب، أم الاستحباب؟
• ذهب الشافعية، وأكثر الحنابلة إلى الوجوب.
• وذهب بعض الحنابلة، والقاضي أبو الطيب من الشافعية إلى الاستحباب، وهو اختيار ابن حزم -رحمه الله-.
والقول بالوجوب هو الصواب؛ لأن هذا العمل جرى عليه عمل المسلمين، وصار من شعائر قبور المسلمين، أعني أن تكون موجهة إلى القبلة، والله أعلم، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «من رغب عن سنتي؛ فليس مني» متفق عليه عن أنس -رضي الله عنه-. (¬١)
---------------
(¬١) انظر: «المجموع» (٥/ ٢٩٣)، «الإنصاف» (٢/ ٥٢١)، «المحلَّى» (٦١٦) (٦١٥).

الصفحة 522