كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

٥٧٧ - وَعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا تَدْفِنُوا مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ إلَّا أَنْ تَضْطَرُّوا». أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ، لَكِنْ قَالَ: زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ، حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ. (¬١)

المسائل والأحكام المستفادة من الحديث

مسألة [١]: حكم الدفن بالليل.
• ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يدفن بالليل؛ إلا من ضرورة، وهو مذهب الحسن البصري، ورواية عن أحمد ذكرها في «الإنصاف»، وهو مذهب ابن حزم، واختاره الإمام الألباني، واستدلوا بحديث الباب.
• قال الإمام النووي -رحمه الله- في «شرح مسلم»: وَقَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف: لَا يُكْرَه، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ أَبَا بَكْر الصِّدِّيق -رضي الله عنه-، وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف دُفِنُوا لَيْلًا مِنْ غَيْر إِنْكَار (¬٢)، وَبِحَدِيثِ الْمَرْأَة السَّوْدَاء، وَالرَّجُل الَّذِي كَانَ يَقُمّ الْمَسْجِد، فَتُوُفِّيَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، وَسَأَلَهُمْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ؟ فَقَالُوا: تُوُفِّيَ لَيْلًا، فَدَفَنَّاهُ فِي اللَّيْل، فَقَالَ: «أَلَا آذَنْتُمُونِي؟» (¬٣) قَالُوا: كَانَتْ ظُلْمَة. وَلَمْ يُنْكِر عَلَيْهِمْ.
---------------
(¬١) أخرجه ابن ماجه (١٥٢١) وإسناده شديد الضعف؛ لأن فيه إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو متروك. وأصل الحديث في «مسلم» (٩٤٣) بلفظ (أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خطب يومًا فذكر رجلًا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلًا فزجر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه»).
(¬٢) دَفْنُ أَبي بكر -رضي الله عنه- ليلًا ثابتٌ في «صحيح البخاري» برقم (١٣٨٧)، من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(¬٣) تقدم في الكتاب برقم (٥٤٠).

الصفحة 568