كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيث: أَنَّ النَّهْي كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاة، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُجَرَّد الدَّفْن بِاللَّيْلِ، وَإِنَّمَا نَهَى لِتَرْكِ الصَّلَاة، أَوْ لِقِلَّةِ الْمُصَلِّينَ، أَوْ عَنْ إِسَاءَة الْكَفَن، أَوْ عَنْ المَجْمُوع كَمَا سَبَقَ. اهـ
قلتُ: ويدل على جواز الدفن في الليل حديث جابر -رضي الله عنه- عند أبي داود (١٣٦٤)، قال: رأى ناسٌ نارًا في المقبرة، فجاءوا، فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - في القبر، وهو يقول: «ناولوني صاحبكم»، وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.
وقد حسَّنه شيخنا الإمام الوادعي -رحمه الله- في «الجامع الصحيح» (٢/ ٢٦٣)، وبَوَّبَ عليه: [باب جواز الدفن ليلًا]. وبَوَّبَ عليه كذلك أبو داود في «سننه» بذلك.
وقد دفن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلًا في ليلة الأربعاء: أخرجه ابن المنذر من طريقين يحسن بهما.
وممن دفن ليلًا: فاطمة -رضي الله عنها-، كما في البخاري (٤٢٤٠)، ومسلم (١٧٥٩). وعند ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن الزبير -رضي الله عنهما-، أنه دفن عائشة -رضي الله عنها- ليلًا.
قلتُ: فالصواب هو قول الجمهور، والله أعلم. (¬١)
---------------
(¬١) انظر: «شرح مسلم» (٩٤٣)، «أحكام الجنائز» (ص ١٧٦ - )، «الإنصاف» (٢/ ٥٢٢)، «المغني» (٣/ ٥٠٣).

الصفحة 569