كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 4)

من قَوْلَي أهل العلم، ويدل عليه قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر:٤٢ - ٤٨].
وقوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل:٨٨]، فالكافر يؤاخذ على سائر المعاصي مع كفره بالله، والله أعلم. (¬١)

مسألة [٦]: هل تجب الزكاة على المرتد؟
قال النووي -رحمه الله- في «شرح المهذب» (٥/ ٣٢٨): إنْ وجب عليه زكاة قبل رِدَّتِه؛ لم تسقط عنه بالرِّدَة عندنا باتفاق الأصحاب، وقال أبو حنيفة: تسقط. اهـ
قلتُ: والذي اختاره الشافعية هو أحد القولين في مذهب أحمد، وهو الصواب؛ لأنَّ هذا حقٌّ للفقراء أوجبه الله في ماله حال الإسلام فمن أسقطه فعليه الدليل. (¬٢)
وأما وجوبها على المرتد حال رِدَّته؛ فالمشهور عند الحنابلة، والشافعية: عدم وجوبها عليه؛ لأنَّ حكمه حكم الكافر الأصلي؛ لأنَّ الأدلة التي جاءت في ذكر الكافرين تشمل الأصلي والمرتد؛ إلا ما خصَّ بدليل آخر، وهذا هو الصحيح، والله أعلم. (¬٣)
---------------
(¬١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٥)، «المغني» (٤/ ٦٩)، «المجموع» (٥/ ٣٢٨)، «المحلَّى» (٦٣٩).
(¬٢) انظر: «الإنصاف» (١/ ٣٦٥ - ٣٦٦).
(¬٣) انظر: «المجموع» (٥/ ٣٢٨)، «الإنصاف» (٣/ ٥)، «المغني» (٤/ ٢٧٥).

الصفحة 11