كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 4)

مسألة [١٥]: هل يُشترط النية في إخراج الزكاة، أم لا؟
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٤/ ٨٨): مَذْهَبُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ؛ لِأَنَّهَا دَيْنٌ فَلَا تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ، كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَلِهَذَا يُخْرِجُهَا وَلِيُّ الْيَتِيمِ، وَيَأْخُذُهَا السُّلْطَانُ مِنْ المُمْتَنِعِ.
وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، وَأَدَاؤُهَا عَمَلٌ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَنَوَّعُ إلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ، فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ، وَتُفَارِقُ قَضَاءَ الدَّيْنِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ، وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ مُسْتَحِقِّهِ، وَوَلِيُّ الصَّبِيِّ، وَالسُّلْطَانُ يَنُوبَانِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَإِنَّ النِّيَّةَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهَا زَكَاتُهُ، أَوْ زَكَاةُ مَنْ يُخْرِجُ عَنْهُ، كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الِاعْتِقَادَاتِ كُلِّهَا الْقَلْبُ. اهـ. (¬١)
---------------
(¬١) وانظر: «المحلى» (٦٨٨).

الصفحة 20