كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 4)
ثلاثمائة واحدة؛ ففيها أربع شياه، ثم لا يتغير الفرض حتى تبلغ خمسمائة؛ فيكون في كل مائةٍ: شاةٌ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جَعَلَ الثلاثمائة حدًّا للوقص وغايةً له، فيجب أن يتعقبه تغير النصاب كالمائتين، وهذا قياسٌ يرده قول النبي: «فإذا زادت على ثلاثمائة؛ ففي كل مائةٍ: شاةٌ»، واللفظ الآخر الذي تقدم، والصواب هو قول الجمهور، والله أعلم. (¬١)
مسألة [١٧]: العيوب التي لا تؤخذ في زكاة الماشية.
جاء في حديث أنس المذكور في الكتاب: «ولا يؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس؛ إلا أنْ يشاء المصدق».
الهرمة: هي الكبيرةُ السِّن، التي قد سقطت أسنانها، وذات العوار: بفتح العين، أي: ذات العيب، والتيس هو: فحل الغنم.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- (١٤٥٥): (الْمُصَدِّق) اُخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ، فَالْأَكْثَر عَلَى أَنَّهُ بِالتَّشْدِيدِ يعني تشديد الصاد وَالْمُرَادُ: الْمَالِكُ، وَهَذَا اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد، وَتَقْدِير الْحَدِيث: لَا تُؤْخَذُ هَرِمَة وَلَا ذَاتُ عَيْبٍ أَصْلًا، وَلَا يُؤْخَذُ التَّيْس، وَهُوَ فَحْل الْغَنَم؛ إِلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ؛ لِكَوْنِهِ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَفِي أَخْذِهِ بِغَيْرِ اِخْتِيَارِهِ إِضْرَار بِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قال: وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاء مُخْتَصّ بِالثَّالِثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِتَخْفِيف الصَّاد، وَهُوَ السَّاعِي، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى التَّفوِيضِ إِلَيْهِ فِي اِجْتِهَادِهِ؛ لِكَوْنِهِ
---------------
(¬١) انظر: «المغني» (٤/ ٣٩)، «المجموع» (٥/ ٤١٧ - ٤١٨)، «ابن أبي شيبة» (٣/ ١٣٣).