كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 4)
ينفع غيره أنه لا يُجزئ، فقد قال تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة:٢٦٧]، وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إنَّ الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا» (¬١)، ولكن إذا لم يجد غير هذه الرقبة؛ فتجزئه، والله أعلم. (¬٢)
مسألة [٢٦]: من لم يجد إلا رقبة لا غنى له عنها؟
من وجبت عليه كفارة ولا يجد إلا رقبة لا غنى له عنها وعن خدمتها؛ لكونه كبيرًا، أو مريضًا، أو نحو ذلك؛ فإنه لا يلزمه عتقها؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦]، وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:٧٨]، وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:١٨٥]، وهذا قول أحمد، والشافعي، وابن حزمٍ خلافًا لمالك، وأبي حنيفة، والأوزاعي. (¬٣)
مسألة [٢٧]: هل يُجزئ أن تكون الرقبة أُمَّ ولدٍ، أو مدبَّرًا؟
• ذهب أبو حنيفة، ومالك إلى أنهما لا يُجزئان، وقال الشافعي: لا تُجزئ أم الولد؛ لأنها لا تُباع. وأجاز عتق المدبَّر.
• وذهب عثمان البتي، وداود الظاهري، وابن حزمٍ إلى الجواز، وهو الصحيح.
قال ابن حزمٍ -رحمه الله-: فمعتق كل واحدة منهما يسمى معتق رقبة، وعتق كل واحدة منهما عتق رقبة بلا خلاف، فوجب أنَّ من فعل واحدةً منهما فقد فعل ما
---------------
(¬١) أخرجه مسلم برقم (١٠١٥)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(¬٢) انظر: «تكملة شرح المهذب» (١٧/ ٣٦٨)، «المغني» (١١/ ٨٢)، «المحلَّى» (٧٤٠).
(¬٣) انظر: «تكملة المجموع» (١٧/ ٣٦٧)، «المحلَّى» (٧٥٠)، «المغني» (١١/ ٨٦).
الصفحة 422
558