كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 4)

٦٧٥ - وَعَنِ الصَّمَّاءِ بِنْتِ بُسْرٍ -رضي الله عنها-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلَّا لِحَاءَ عِنَبٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهَا». رَوَاهُ الخَمْسَةُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إلَّا أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ مَالِكٌ، وَقَالَ أَبُودَاوُد: هُوَ مَنْسُوخٌ. (¬١)
---------------
(¬١) صحيح. أخرجه أحمد (٦/ ٣٦٨)، وأبوداود (٢٤٢١)، والنسائي في «الكبرى» (٢٧٦٢) (٢٧٦٣)، والترمذي (٧٤٤)، وابن ماجه (١٧٢٦)، وغيرهم من طرق عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء بنت بسر به.
وقد أعل الحديث بالاضطراب، فإن ثورًا تارة يرويه كما تقدم، وتارة يرويه عن خالد بن معدان عن عبدالله بن بسر مرفوعًا، وتارة يرويه عن خالد عن عبدالله بن بسر عن أمه.

وجاء أيضًا من رواية خالد بن معدان عن عبدالله بن بسر عن أخته عن عائشة، وجاء من رواية خالد ابن معدان عن عبدالله بن بسر عن أبيه. ولا يصح إعلاله بالاضطراب؛ لأن من شروط المضطرب تكافؤ الطرق، والأمر هنا ليس كذلك، فإن الطريق الأولى راجحة وما سواها مرجوح، فقد رواه عن ثور بالطريق الأولى ثمانية من الرواة، أكثرهم ثقات، وهم: أبوعاصم النبيل، والوليد ابن مسلم، والأوزاعي، وأصبغ بن زيد، والفضل بن موسى، وسفيان بن حبيب، وعبدالملك بن الصباح، وقرة بن عبدالرحمن.
بينما الطرق الأخرى، طريق منها يرويها ثقة ومتروك، وطريق يرويها صدوق، وطريق يرويها مجهول، وطريق يرويها ضعيف.
ولذلك فقد رجح الدارقطني الرواية الأولى ولم يحكم عليها بالاضطراب، نقله عنه ابن الملقن في «البدر المنير» (٥/ ٧٦٣)، وكلامه في العلل (١٢/ ٢٥٤، رقم ٤٠٦١) ط/طيبة، ت/ خالد المصري، واختاره الإمام الألباني -رحمه الله-، وهو الحق إن شاء الله تعالى.
وله طريق أخرى بإسناد حسن.
أخرجها أحمد (٦/ ٣٦٨)، حدثنا الحكم بن نافع قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدي عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبدالله بن بسر عن أخته الصماء بنت بسر به.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، إلا لقمان بن عامر، فقد روى عنه تسعة كما في «تهذيب الكمال» ووثقه ابن حبان، وقال أبوحاتم: يكتب حديث، فمثله لا بأس بتحسين حديثه إن شاء الله.
فلقمان بن عامر يتابع ثور بن يزيد على الطريق الأولى، وللحديث طريق أخرى عند أحمد (٤/ ١٨٩)، من حديث عبدالله بن بسر من وجه آخر بإسناد صحيح. وقد توسع الإمام الألباني في الكلام على الحديث في «الإرواء» (٩٦٠) فأحسن وأجاد -رحمه الله-. وانظر: «تحقيق المسند» (٢٩/ ٢٣٠ - ٢٣٣). والحاصل أن الحديث صحيح إن شاء الله.
وقد صحح الحديثَ الترمذيُّ، وأبو داود، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن السكن، والبيهقي، وابن عبدالبر، والنووي، وغيرهم.
بينما قال الزهري: هذا حديث حمصي. يشير إلى إعلاله. وقال أبو داود: هو منسوخ. ونقل عن مالك أنه قال: إنه كذب. وقال أحمد: كان يحيى بن سعيد يتقيه. وقال شيخ الإسلام: الحديث شاذ، أو منسوخ.
ونقل ابن الملقن عن النسائي أنه قال: مضطرب. ولم أجد ذلك في «سننه»، إنما قال: ذكر اختلاف الناقلين في حديث عبدالله بن بسر. وهذا ليس بصريح.
قال النووي في «المجموع» (٦/ ٣٩٢) بعد قول مالك المتقدم: وهذا القول لا يقبل؛ فقد صححه الأئمة. وانظر: «البدر المنير» (٥/ ٧٥٩ - )، «الفروع» (٣/ ١٢٣ - ١٢٤)، «التلخيص» (٢/ ٤١٣ - ٤١٤).

الصفحة 481