كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 4)

والصحيح ما ذهب إليه أحمد، والشافعي من أنه لا يصح إلا في المسجد؛ لعموم الآية: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}، ولأنَّ أزواج النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- استأذَنَّهُ في الاعتكاف بالمسجد، فأذِنَ لهن، ثم منعهن، فلو لم يكن المسجد شرطًا؛ ما وقع ما ذُكِر من الإذن والمنع، ولاكتفى لهن بالاعتكاف في مسجد بيوتهن.
تنبيه: لا يشترط أن تعتكف المرأة في مسجد جامع، بل يُجزِئُها في كل مسجد؛ لأنَّ الجماعة غير واجبة عليها، وبذلك جزم الشافعي، وأحمد. (¬١)

مسألة [٥]: أقل مقدار للاعتكاف.
• في المسألة قولان:
الأول: لا حدَّ لأَقَلِّه، وهو قول الشافعي، وداود، وابن عُلَيَّة، ورواية عن أحمد، واختاره ابن المنذر، وابن العربي، فيصح أن يعتكف ولو ساعة، وهو رواية عن أبي حنيفة.
الثاني: أنَّ أقل الاعتكاف يوم وليلة، وهو قول مالك، وأبي حنيفة في المشهور عنه؛ لأنَّ هذا أقل ما ورد في الشرع، يعنون حديث عمر المتقدم.
والراجح القول الأول؛ لأنَّ الاعتكاف في اللغة يقع على القليل والكثير، ولم يحده الشرع بشيء يخُصُّه، فبقي على أصله ومعناه اللغوي. (¬٢)
---------------
(¬١) انظر: «المغني» (٤/ ٤٦٤ - ٤٦٥)، «الفتح» (٢٠٢٥) (٢٠٣٣)، «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٣٣)، «المجموع» (٦/ ٤١٠) ط/مكتبة الإرشاد. «الإشراف» (٣/ ١٦٠).
(¬٢) انظر: «المجموع» (٦/ ٤٢٠) ط/الإرشاد، «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٣٣).

الصفحة 505