كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 4)

بَعْضُ المَسَائِلِ المُلْحَقَة
مسألة [١]: هل ينال الإنسان ليلة القدر إذا قامها وإن لم يعلم بها؟
• في هذه المسألة قولان:
الأول: يختص الأجر بمن علم بها، قال الحافظ -رحمه الله-: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَر، وَيَدُلُّ لَهُ مَا وَقَعَ عِنْد مُسْلِم (¬١) مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَة الْقَدْر فَيُوَافِقهَا» ... ، ثم قال: وَهُوَ الَّذِي يَتَرَجَّح فِي نَظَرِي، وَلَا أُنْكِرُ حُصُول الثَّوَاب الْجزِيل لِمَنْ قَامَ لِابْتِغَاءِ لَيْلَة الْقَدْر وَإِنْ لَمْ يَعْلَم بِهَا، وَلَوْ لَمْ تُوَفَّق لَهُ. اهـ
الثاني: أنه يناله الأجر الموعود، وإن لم يعلم بها، وهو قول الطبري، والمهلب، وابن العربي، وجماعة.
وهو الراجح، ورجَّح ذلك الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-، وقال: أما قول بعض العلماء: (إنه لا ينال أجرها إلا من شعر بها)، فقولٌ ضعيفٌ جدًّا؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه»، ولم يقل: (عالمًا بها)، ولو كان العلم شرطًا في حصول الثواب؛ لبَيَّنَه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.اهـ
قلتُ: ويدل على صحة هذا القول، قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: من يقم السنة؛
---------------
(¬١) انظر «صحيح مسلم» رقم (٧٦٠) (١٧٦).

الصفحة 520