كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 5)
وأكثر أفعال الحج في هذا اليوم، فكيف لا يكون من أشهر الحج.
وأما استدلالهم بالآية {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، فالجواب عنها:
أنَّ (في) للظرفية؛ فالمقصود (في هذه الأشهر)، وبينت السنة كما في حديث عروة بن المضرس (¬١) أنه لا يحرم بالحج بعد فوات عرفة، ولا ينافي ذلك أنَّ ذا الحجة بتمامه من أشهر الحج، والله أعلم. (¬٢)
مسألة [١]: إذا أحرم قبل أشهر الحج؟
• ذهب بعض أهل العلم إلى كراهة ذلك، ولكنه ينعقد إحرامه، وإذا بقي إلى وقت الحج صحَّ حجُّه، وهو قول أحمد، ومالك، والثوري، وإسحاق، والنخعي، وأبي حنيفة.
واستدلوا بقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩].
• وذهب جماعةٌ من أهل العلم إلى أنَّ الحج لا ينعقد إلا في أشهر الحج؛ لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:١٩٧]، أي: وقت الحج أشهر معلومات، وهو قول عطاء، وطاوس، ومجاهد، والشافعي، وجاء عن ابن عباس (¬٣)، وجابر
---------------
(¬١) سيأتي تخريجه في «البلوغ» (٧٤٢).
(¬٢) انظر: «المغني» (٥/ ١١٠)، «المحلَّى» (٨٢١)، «الشرح الممتع» (٧/ ٦٢)، «الإنصاف» (٣/ ٣٨٨).
(¬٣) أثر ابن عباس -رضي الله عنهما- أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ١/٣٦١)، وابن خزيمة (٢٥٩٦)، والحاكم (١/ ٤٤٨)، والبيهقي (٤/ ٣٤٣) من طُرُقٍ عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس به، والحكم لم يسمع من مقسم؛ إلا خمسة أحاديث، والباقي كتاب.