كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 6)

وبعض الحنابلة أنَّ له رده، وليس عليه شيء، وله أن يمسكه ويأخذ أرش العيب. وقال بعض الحنابلة: إذا ردَّه يرد معه أرش الكسر، والقول الأول هو الصحيح؛ لأنَّ ذلك حصل بطريق استعلام العيب، والبائع سلَّطه على ذلك حيث إنه يعلم أنه لا تعرف صحته من فساده بغير ذلك.
ثانيهما: إن زاد في الكسر على القدر الذي لا بد منه، فمنهم من قال: ليس له إلا أرش العيب، وليس له الرد، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، ورواية عن أحمد، ومنهم من قال: هو مخير بين أن يمسكه ويأخذ أرش العيب، أو يرده ويرد أرش الكسر، ويأخذ الثمن، وهذا قول بعض الحنابلة، ورواية عن أحمد، وبعض الشافعية، وهو الراجح -والله أعلم-؛ لأن حقه قد ثبت بالرد، فما هو الدليل على إزالة هذا الحق، والله أعلم. (¬١)

مسألة [٣٨]: إذا باع المشتري بعض المعيب، ثم ظهر على عيب؟
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ٢٤٤): إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْمَبِيعِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ، فَلَهُ الْأَرْشُ؛ لِمَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ الْمَبِيعِ، وَفِي الْأَرْشِ لِمَا بَاعَهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْجَمِيعَ، وَإِنْ أَرَادَ رَدَّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ هَاهُنَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنًا وَاحِدَةً، أَوْ عَيْنَيْنِ يَنْقُصُهُمَا التَّفْرِيقُ، كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ، وَزَوْجَيْ خُفٍّ، أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْبَائِعِ بِنَقْصِ الْقِيمَةِ، أَوْ ضَرَرِ
---------------
(¬١) انظر: «المغني» (٦/ ٢٥٣)، «تكملة المجموع» (١٢/ ٢٨٦)، «الإنصاف» (٤/ ٤١٤).

الصفحة 37