كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 6)

حَفِظْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
قال: وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحّ ذَلِكَ لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إذَا شَرَطَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَرْبَحَ غَيْرَهَا، فَيَحْصُلَ عَلَى جَمِيعِ الرِّبْحِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَرْبَحَهَا، فَيَأْخُذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جُزْءًا. وَقَدْ يَرْبَحُ كَثِيرًا، فَيَسْتَضِرُّ مَنْ شُرِطَتْ لَهُ الدَّرَاهِمُ. وَالثَّانِي: أَنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً بِالْأَجْزَاءِ، لَمَّا تَعَذَّرَ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً بِالْقَدْرِ، فَإِذَا جُهِلَتْ الْأَجْزَاءُ؛ فَسَدَتْ، كَمَا لَوْ جُهِلَ الْقَدْرُ فِيمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِهِ. وَلِأَنَّ الْعَامِلَ مَتَى شَرَطَ لِنَفْسِهِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، رُبَّمَا تَوَانَى فِي طَلَبِ الرِّبْحِ؛ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ فِيهِ وَحُصُولِ نَفْعِهِ لِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ الرِّبْحِ. اهـ
وقال ابن رشد -رحمه الله- في «بداية المجتهد» (٤/ ٢٦): ولا خلاف بين العلماء أنه إذا اشترط أحدهما لنفسه من الربح شيئًا زائدًا غير ما انعقد عليه القراض أنَّ ذلك لا يجوز؛ لأنه يصير ذلك الذي انعقد عليه القراض مجهولًا. اهـ

مسألة [١١]: إذا اشترط صاحب المال على العامل: أنَّ لي ربح هذه السلعة، أو هذا الشهر، ولك الآخرة، أو الآخر؟
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ١٤٦): وإن دفع إليه ألفين مضاربة على أنَّ لكل واحد منهما ربح ألف، أو على أنَّ لأحدهما ربح أحد الثوبين، أو ربح إحدى السفرتين، أو ربح تجارته في شهر، أو عام بعينه ونحو ذلك؛ فسد الشرط والمضاربة؛ لأنه قد يربح في ذلك المعين دون غيره، وقد يربح في غيره دونه،

الصفحة 505