كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 8)

١١٠١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، قَالَ: «هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَمَا ألوَانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ (¬١)؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَنَّى ذَلِكَ؟» قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَالَ: «فَلَعَلَّ ابْنَك هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (¬٢)
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: وَهُوَ يُعَرِّضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الِانْتِفَاءِ مِنْهُ. (¬٣)

المسائل والأحكام المستفادة من الحديث

مسألة [١]: الانتفاء من الولد بمخالفة لونه وصفاته.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في «الفتح» (٥٣٠٥): وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الزَّوْج لَا يَجُوز لَهُ الِانْتِفَاء مِنْ وَلَده بِمُجَرَّدِ الظَّنّ، وَأَنَّ الْوَلَد يَلْحَق بِهِ وَلَوْ خَالَفَ لَوْنه لَوْن أُمّه. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ تَبَعًا لِابْنِ رُشْد: لَا خِلَاف فِي أَنَّهُ لَا يَحِلّ نَفْي الْوَلَد بِاخْتِلَافِ الْأَلْوَان الْمُتَقَارِبَة، كَالْأُدْمَةِ وَالسُّمْرَة، وَلَا فِي الْبَيَاض وَالسَّوَاد إِذَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّة الِاسْتِبْرَاء. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ فِي مَذْهَبه، وَإِلَّا فَالْخِلَاف ثَابِت عِنْد الشَّافِعِيَّة بِتَفْصِيلِ، فَقَالُوا: إِنْ لَمْ يَنْضَمّ إِلَيْهِ قَرِينَة زِنى؛ لَمْ يَجُزْ النَّفْي؛ فَإِنْ اِتَّهَمَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ عَلَى لَوْن الرَّجُل الَّذِي اِتَّهَمَهَا بِهِ جَازَ النَّفْي عَلَى الصَّحِيح، وَفِي حَدِيث
---------------
(¬١) الأورق: هو الأسمر.
(¬٢) أخرجه البخاري (٥٣٠٥)، ومسلم (١٥٠٠).
(¬٣) أخرجه مسلم برقم (١٥٠٠) (١٩).

الصفحة 702