كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 9)

مُسَلَّمٍ، وَهَذَا الْكَلَامُ فِي الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، فَيَنْبَنِي ذَلِكَ عَلَى عِلْمِهِ بِصِدْقِهِ؛ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ؛ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ، وَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ؛ فَالنِّكَاحُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَقَوْلُهُ كَذِبٌ لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُحَرِّمَ حَقِيقَةُ الرَّضَاعِ، لَا الْقَوْلُ. وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ؛ لَمْ تَزُلْ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ.
قال: فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ مِنْ أَصْلِهِ لَا يُسْتَحَقُّ فِيهِ مَهْرٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةِ، وَإِنْ أَكْذَبَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهَا فِي إسْقَاطِ حُقُوقِهَا؛ فَلَزِمَهُ إقْرَارُهُ فِيمَا هُوَ حَقٌّ لَهُ، وَهُوَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ، وَفَسْخُ نِكَاحِهِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ المَهْرِ. اهـ
فرع: قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١١/ ٣٤٤): وَإِنْ قَالَ: هِيَ عَمَّتِي، أَوْ خَالَتِي، أَوْ ابْنَةُ أَخِي، أَوْ أُخْتِي، أَوْ أُمِّيِّ مِنْ الرَّضَاعِ. وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ؛ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ: هِيَ أُخْتِي. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صِدْقُهُ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لِأَصْغَرِ مِنْهُ أَوْ لِمِثْلِهِ: هَذِهِ أُمِّيِّ. أَوْ لِأَكْبَرِ مِنْهُ أَوْ لِمِثْلِهِ: هَذِهِ ابْنَتِي. لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا تَحَقَّقَ كَذِبُهُ فِيهِ. انتهى.

مسألة [٢٤]: إن كانت المرأة هي التي قالت: هو أخي من الرضاعة؟
إذا أقرَّت المرأة أنَّ زوجها أخوها من الرضاعة، فأكذبها؛ لم يقبل قولها في فسخ النكاح؛ لأنه حق عليها؛ فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها؛ لأنها تقر بأنها لا تستحقه؛ فإن كانت قد قبضته؛ لم يكن للزوج أخذه؛ لأنه يقر بأنه حق عليه.

الصفحة 100