كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 9)

وأما الجواب عن أدلة أصحاب هذا القول فكما يلي:
١) استدلالهم بقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، أجاب عنه ابن القيم -رحمه الله-، فقال: أَمّا اسْتِدْلَالُكُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}؛ فَهُوَ إلَى أَنْ يَكُونَ حُجّةً عَلَيْكُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَنْ يَكُونَ حُجّةً لَكُمْ؛ فَإِنّ الْمُرَادَ طَلَاقُهَا قَبْلَ الْعِدّةِ ضَرُورَةً؛ إذْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الطّلَاقِ فِي الْعِدّةِ؛ فَإِنَّ هَذَا مَعَ تَضَمّنِهِ لِكَوْنِ اللّامِ لِلظّرْفِيّةِ بِمَعْنَى (فِي) فَاسِدٌ مَعْنَى؛ إذْ لَا يُمْكِنُ إيقَاعُ الطّلَاقِ فِي الْعِدّةِ؛ فَإِنّهُ سَبَبُهَا وَالسّبَبُ يَتَقَدّمُ الْحُكْمَ، وَإِذَا تَقَرّرَ ذَلِكَ فَمَنْ قَالَ: الْأَقْرَاءُ (الْحِيَضُ)، فَقَدْ عَمِلَ بِالْآيَةِ وَطَلّقَ قَبْلَ الْعِدّةِ.
قال: فَإِنْ قُلْتُمْ: وَمَنْ قَالَ: إنّهَا الْأَطْهَارُ. فَالْعِدّةُ تَتَعَقّبُ الطّلَاقَ؛ فَقَدْ طَلّقَ قَبْلَ الْعِدّةِ.
قال: قُلْنَا: فَبَطَلَ احْتِجَاجُكُمْ حِينَئِذٍ، وَصَحّ أَنّ الْمُرَادَ الطّلَاقُ قَبْلَ الْعِدّةِ، لَا فِيهَا، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ يَصِحّ أَنْ يُرَادَ بِالْآيَةِ.
ثم ذكر كلامًا في تقرير أنَّ اللام هنا ليست للظرفية، وإنما هي تفيد مُضِي زمن الفعل أو استقباله.
ثم قال: وَإِذَا تَقَرّرَ هَذَا مِنْ قَوَاعِدِ الْعَرَبِيّةِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} مَعْنَاهُ: لِاسْتِقْبَالِ عِدّتِهِنّ لَا فِيهَا، وَإِذَا كَانَتْ الْعِدّةُ الّتِي يُطَلّقُ لَهَا النّسَاءُ مُسْتَقْبَلَةً بَعْدَ الطّلَاقِ؛ فَالْمُسْتَقْبَلُ بَعْدَهَا إنّمَا هُوَ الْحَيْضُ؛ فَإِنّ الطّاهِرَ لَا

الصفحة 37