كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 9)
شرعيًّا؛ فدلَّ على أنَّ الأقراء هي الحيض، ويدخل الطهر فيه تبعًا، والله أعلم.
٢) وقولهم: (إن بعض الطهر ولو كان لحظة يُعتبر قُرءًا كاملًا) فيحتاجون إلى إثبات ذلك من لغة العرب، أو لسان الشارع دون قول هؤلاء أنفسهم.
وقولهم: (إنَّ العرب توقع اسم الجمع على اثنين وبعض الثالث).
فقال ابن القيم -رحمه الله-: إِنّمَا يَقَعُ هَذَا فِي أَسْمَاءِ الْجُمُوعِ الّتِي هِيَ ظَوَاهِرُ فِي مُسَمّاهَا، وَأَمّا صِيَغُ الْعَدَدِ الّتِي هِيَ نُصُوصٌ فِي مُسَمّاهَا، فَكَلّا وَلَمَّا، وَلَمْ تَرِدْ صِيغَةُ الْعَدَدِ إلّا مَسْبُوقَةً بِمُسَمّاهَا، كَقَوْلِهِ {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التّوْبَةَ:٣٦]، وَقَوْلُهُ: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الْكَهْفَ:٢٥]، وَقَوْلُهُ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [الْبَقَرَةَ:١٩٦]، وَقَوْلُهُ: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الْحَاقّةَ:٧]، وَنَظَائِرُهُ مِمّا لَا يُرَادُ بِهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ دُونَ مُسَمّاهُ مِنْ الْعَدَدِ، وَقَوْلُهُ: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} اسْمُ عَدَدٍ لَيْسَ بِصِيغَةِ جَمْعٍ، فَلَا يَصِحّ إلْحَاقُهُ بِأَشْهُرٍ مَعْلُومَاتٍ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنّ اسْمَ الْعَدَدِ نَصٌّ فِي مُسَمّاهُ لَا يَقْبَلُ التّخْصِيصَ الْمُنْفَصِلَ بِخِلَافِ الِاسْمِ الْعَامّ؛ فَإِنّهُ يَقْبَلُ التّخْصِيصَ الْمُنْفَصِلَ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ التّوَسّعِ فِي الِاسْمِ الظّاهِرِ التّوَسّعُ فِي الِاسْمِ الّذِي هُوَ نَصّ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ.
الثّانِي: أَنّ اسْمَ الْجَمْعِ يَصِحّ اسْتِعْمَالُهُ فِي اثْنَيْنِ فَقَطْ مَجَازًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَحَقِيقَةً عِنْدَ بَعْضِهِمْ، فَصِحّةُ اسْتِعْمَالِهِ فِي اثْنَيْنِ وَبَعْضِ الثّالِثِ أَوْلَى بِخِلَافِ الثَّلَاثَة؛ وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ
الصفحة 40
651