كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 9)
وفي «صحيح مسلم» (١٩٨٧) عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهى عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما، وعن التمر والبسر أن يخلط بينهما.
وفي رواية: من شرب النبيذ منكم؛ فليشربه زبيبًا فردًا، أو تمرًا فردًا، أو بسرًا فردًا.
وأخرجه مسلم (١٩٨٩ - ١٩٩١) بنحوه عن أبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر -رضي الله عنهم- أيضًا.
قال النووي -رحمه الله- في «شرح مسلم» (١٩٨٦): سَبَب الْكَرَاهَة فِيهِ أَنَّ الْإِسْكَار يُسْرِع إِلَيْهِ بِسَبَبِ الْخَلْط قَبْل أَنْ يَتَغَيَّر طَعْمه، فَيَظُنّ الشَّارِب أَنَّهُ لَيْسَ مُسْكِرًا، وَيَكُون مُسْكِرًا، وَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور: أَنَّ هَذَا النَّهْي لِكَرَاهَةِ التَّنْزِيه، وَلَا يَحْرُم ذَلِكَ مَا لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء، وَقَالَ بَعْض الْمَالِكِيَّة: هُوَ حَرَام. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة، وَأَبُو يُوسُف فِي رِوَايَة عَنْهُ: لَا كَرَاهَة فِيهِ، وَلَا بَأْس بِهِ؛ لِأَنَّ مَا حَلَّ مُفْرَدًا؛ حَلَّ مَخْلُوطًا. وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُور، وَقَالُوا: مُنَابَذَة لِصَاحِبِ الشَّرْع، فَقَدْ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة فِي النَّهْي عَنْهُ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا كَانَ مَكْرُوهًا. اهـ
قلتُ: وقال بالتحريم إسحاق، ومالك، وأحمد في رواية، وبعض الشافعية وهو الصحيح، وقال به ابن حزم في الخمسة الأنواع التي ذُكِرت في الأحاديث. (¬١)
---------------
(¬١) انظر: «الفتح» (٥٦٠٠) «المغني» (١٢/ ٥١٥) «الحدود والتعزيرات» (٢٨٦ - ).
الصفحة 583