كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 10)

١٢٧٦ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: حَرَّقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَّعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (¬١)

المسائل والأحكام المستفادة من الحديث

مسألة [١]: التحريق، والتخريب في أرض العدو.
قال الحافظ -رحمه الله- في «الفتح» (٣٠٢١): وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى جَوَاز التَّحْرِيق وَالتَّخْرِيب فِي بِلَاد الْعَدُوِّ، وَكَرِهَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْث، وَأَبُو ثَوْر، وَاحْتَجُّوا بِوَصِيَّةِ أَبِي بَكْر لِجُيُوشِهِ أَنْ لَا يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَأَجَابَ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ النَّهْي مَحْمُول عَلَى الْقَصْد لِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا أَصَابُوا ذَلِكَ فِي خِلَال الْقِتَال كَمَا وَقَعَ فِي نَصْبِ الْمَنْجَنِيق عَلَى الطَّائِف، وَهُوَ نَحْو مَا أَجَابَ بِهِ فِي النَّهْي عَنْ قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان، وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم، وَنَحْو ذَلِكَ الْقَتْل بِالتَّغْرِيقِ. وَقَالَ غَيْره: إِنَّمَا نَهَى أَبُو بَكْر جُيُوشه عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ تِلْكَ الْبِلَاد سَتُفْتَحُ، فَأَرَادَ إِبْقَاءَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَاللهُ أَعْلَم. اهـ
وقال الصنعاني -رحمه الله- في «السُّبُل»: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يعني أبا بكر -رضي الله عنه- رَأَى المَصْلَحَةَ فِي بَقَائِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تَصِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَأَرَادَ بَقَاءَهَا لَهُمْ، وَذَلِكَ يَدُورُ عَلَى مُلَاحَظَةِ المَصْلَحَةِ. اهـ
ونقل ابن قدامة -رحمه الله- عدم الخلاف في جواز قطع ما يحتاج المسلمون لقطعه. (¬٢)
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٤٠٣١)، ومسلم (١٧٤٦).
(¬٢) انظر: «المغني» (١٣/ ١٤٦).

الصفحة 39