كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 10)

قال ابن رجب -رحمه الله- في «جامع العلوم والحكم»: والخلف في الوعد على نوعين: أحدهما: أن يَعِدَ ومن نيته أن لا يفي بوعده، وهذا أشر الخلف، ولو قال: أفعل كذا إن شاء الله تعالى، ومن نيته أن لا يفعل، كان كذبا وخلفا، قاله الأوزاعي. الثاني: أن يعد ومن نيته أن يفي، ثم يبدو له فيخلف من غير عذر له في الخلف.، والله أعلم. اهـ
وقال -رحمه الله-: وقد أمر الله بالوفاء بالعهد، فقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٤]، وقال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: ٩١]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: ٧٧]، وفي «الصحيحين» عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به» (¬١) وفي رواية: «إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، فيقال: ألا هذه غدرة فلان» (¬٢)، وخرجاه أيضا من حديث أنس بمعناه (¬٣). وخرج مسلم من حديث أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة» (¬٤).
والغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره، ولو كان المعاهد كافرًا، ولهذا
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٦٩٦٦)، ومسلم (١٧٣٥).
(¬٢) أخرجه البخاري (٦١٧٧)، ومسلم (١٧٣٥).
(¬٣) أخرجه البخاري (٣١٨٦)، ومسلم (١٧٣٧).
(¬٤) أخرجه مسلم (١٧٣٨).

الصفحة 574