كتاب كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم

سمع بكاء أهله عليه، أسف وحزن لحزنهم هم عليه.
هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا لو صح لاستأصل شأفة الشبهة.
لكني أقول: أن هذا التفسير يتعارض مع حقيقتين اثنتين لذلك لا يسعنا إلا أن نعتمد على التفسير الأول للحديث:
الحقيقة الأولى: أن في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه الذي أشرت إليه آنفا زيادة تبين أن العذاب ليس بمعنى التألم، وإنما هو بمعنى العذاب المتبادر، أي: عذاب النار، إلا أن يعفو الله تبارك وتعالى، كما هو صريح قوله عزوجل {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ] النساء:48 [، ففي رواية المغيرة قال: "إن الميت ليُعذب ببكاء أهله يوم القيامة"، فهذا صريح بأن الميت يُعذب بسبب بكاء أهله عليه يوم القيامة، وليس في القبر، وهو الذي فسره ابن تيمية بالألم والحزن.
الحقيقة الأخرى: هي أن الميت إذا مات لا يحس بشيء يجري من حوله، سواء أكان هذا الشيء خيراً أو شراً – كما تدل عليه أدلة الكتاب والسنة – اللهم إلا في بعض المناسبات التي جاء ذكرها في

الصفحة 14