كتاب التحرير الأدبي

وكانت البنات على نمط متشابه من الوسامة، انتقل إليهن من الأم، فكأنهن وإياها نسخ مكررة، إلا فوراق تفرضها السن، وما تتميز به بعضهن من الشمائل والخلال. وقد شاع في المنطقة نبأ أولئك الصبايا الملاح، وطار صيتهن في المناطق المجاورة، وتهادت الألسن حديثهن المستطاب.. فأما الكبرى فكانت أثيرة عند "شندويل" فأزمع أن يخطبها، وأفصح "لأم فكرية" عن عزمه فطأطأت رأسها في صمت، وقد تناولت عودًا يابسًا تنكب به الأرض حيالها، فلما طال صمتها، أعاد "شندويل" الإفصاح عما طلب، وقد حسب أنها لم تسمع حديثه، ولم تدرِ فحواه، فرفعت رأسها، وكست محياها طابع جد، فقلق "شندويل" أشد القلق ...
وبعد هنيهة، قالت "أم فكرية":
- أأجد لابنتي أعز منك؟ أنت ابن البيت.. كلك خير وبركة، ولكن سبقك غيرك يا "شندويل؟ "..
- من تعنين يا خالة؟
- المشرف يا "شندويل".. المشرف الزراعي طلبها منذ أيام.. وعرض مهرًا قدره مئة جنيه.
فغمغم "شندويل" وقد زاغت عيناه:
- مئة جنيه؟
- وعنده جنينة برتقال يربح منها الذهب!

الصفحة 313