كتاب التحرير الأدبي

- خير يا "شندويل"..
- أو قولي شرًّا يا ست "أم فكرية".
- قال ذلك في جهامة ظاهرة، وقد تصلبت قامته، فغدت كجذع شجرة عتيقة فنحّت "أم فكرية" الطست قليلا، ومسحت يديها بطرف ردائها وقالت:
- ماذا في الأمر يا "شندويل"؟
فأجابها في صوت مجلجل:
- لقد اعتزمت الرحيل.
فوضعت المرأة يدها على صدرها، وقالت في دهشة:
- أي رحيل تقصد يا "شندويل"؟
- سأرحل يا ستي.. أرض الله واسعة.. بلاد الله لخلق الله..
- كيف تفكر في أن تتركنا؟
- على الرغم مني أفعل.
فصمتت لحظات وهي تتفحصه، فراعها تجهمه وصلابة ملامحه، وما في صوته الرجولي الأجش من عزم وتصميم.. ثم قالت:
- ألم تعد الحياة تروق لك بيننا؟
- لم يعد لي أمل في العيش في هذه الدار.. رحلت عنها الصبايا ولم أظفر بواحدة منهن.

الصفحة 319