كتاب التحرير الأدبي

عكرمة: لله الأمر والتدبير أيها الكريم، وكل شيء بقضاء الله وقدره.
خزيمة: يا عكرمة.. أنت ملزم بأداء هذا المال إن عاجلًا أو آجلًا، فهو أمانة، ونحن جميعًا عمال ولي الأمر، ولا نملك التصرف في شيء من مال المسلمين إلا بإذن ولي الأمر وعلمه.
عكرمة: والله يا أمير المؤمنين ما أخذت لنفسي أو لأهلي من مال المسلمين دانِقًا، وما بددته في معصية، والله ما خنت الأمانة قط منذ أن توليت.
خزيمة: أين إذن ذهب هذا المال وفي أي الوجوه أنفقته؟
عكرمة: أيها الأمير، لست ممن يصون ماله بعرضه، هناك أمور تقتضيها سياسة الرعية وتدبير أمورها صغرت أم كبرت، وهي أمور فيها ما لا يقل حفظًا لماء الوجه، إذ هي أمور لا يعلمها إلا الله، ومن كان طرفًا فيها، ولست في حل من ذكرها إن شاء الله إلا أمام أمير المؤمنين وحده.
خزيمة: ما دام الأمر كذلك فأنا لا أملك إلا الكتابة إلى أمير المؤمنين وانتظار رده. وإلى أن يصل لا أملك إلا أن أعيدك إلى الحبس.
عكرمة: أصلح الله الأمير. اصنع ما شئت، أنا راضٍ بقضاء الله وقدره.
"إظلام"
"المشهد الثالث"
"نفس المنظر السابق وأمام خزيمة كاتبه"
خزيمة: واكتب.. وهذا هو كل ما جرى بيني وبين عكرمة، والله الذي لا إله إلا هو يا أمير المؤمنين، لئن سألتني الرأي لأقولن: ما أظن بعكرمة ظن السوء أبدًا، فهو رجل طاهر الإزار محمود السيرة، نقي السريرة.

الصفحة 355