كتاب التحرير الأدبي

للإبانة عن الأغراض التي في النفوس، وإذا كان كذلك وجب أن يتخير من اللفظ ما كان أقرب إلى الدلالة على المراد، وأوضح في الإبانة عن المعنى المطلوب، ويدخل في ذلك أمور كثيرة يجب مراعاتها عند تحليل الألفاظ:
1- الدقة: ومعناها أن يختار الأديب من الألفاظ أدقها تعبيرًا عن المعنى الذي يجول في نفسه، فإذا لم يحسن الأديب اختيار كلماته عُدَّ ذلك عيبًا1.
2- الإيحاء: اللفظ الموحي، هو اللفظ الذي يثير في النفس معاني كثيرة، كأنه نوع من البث الغامض، ويرجع الإيحاء في اللفظ إلى أمور كثيرة، منها ما لحق باللفظ تاريخيًّا أو أسطوريًّا، أو دينيًّا أو شعريًّا، ومنها ما يعود إلى جرسه الموسيقي، وما يلقيه في النفس من ظلال.
3- الاشتقاق: ونعني به الصيغ المختلفة للمادة الواحدة، وفي هذا الجانب ينظر الدراس ليرى كيف يختار الأديب ألفاظه ذات الاشتقاق الموحي بالمعنى على نحو أتم، مثل الألفاظ ذات الحروف المضعفة، أو التي زيدت فيها حروف، أو الألفاظ الدالة على الجموع، أو المبالغة، أو الألفاظ المعرفة أو المنكرة، وغير ذلك من الاتجاهات ذوات الصلة بعلم المعاني.
4- الألفاظ وموضوع النص: يدرس في هذا المجال مدى مراعاة الكاتب لألفاظه، ومدى تناسبها للموضوع، من الجزالة والقوة، أو السهولة واللين، أو الوضوح أو الغموض.
5- الألفاظ ومدى دلالتها على نفسية الأديب: لا شك أن لكل أديب معجمه اللغوي الذي يجول فيه، وينتقي منه الألفاظ التي تعبر عن نفسه أدق تعبير، فيلاحظ الدارس -مثلًا- تردد كلمات بأعيانها في النص، كالموت
__________
1 د. غازي يموت: الفن الأدبي: ص42، دار الحداثة للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 1990م.

الصفحة 379