كتاب الرسالة المحمدية

أنفسهم فجعلوها محدودة بحدود بلادهم، بل زعموا أنّ إله العالمين هو إله أمّتهم وحدها، وخصّوه تعالى بأنفسهم من دون الناس. لذلك نرى أنبياء بني إسرائيل وأسفارهم لم تعمّم دعوتها لغيرهم من الأمم، ولا تزال الشريعة الموسوية والدّين اليهوديّ مقصورين على الإسرائيليين، لا يتجاوزونهم إلى غيرهم، وأسفارهم لا تخاطب غيرهم، ولا تدعو لآلهتهم إلا أسباطهم، بل إنّ عيسى المسيح لم يرع إلا غنم بني إسرائيل الضّالة، ولم يبلغ رسالته إلا في قراهم، وأرضهم، والمنسوبين إليهم؟
ولم يرغب في إعطاء خبز الأولاد للكلاب.
وكذلك صحائف «ويدا» «1» الهندية، لا تطرق نبرات تلاوتها آذانا غير آذان الأمة الآرية، وجميع النّاس من غير الآريين أنجاس مناكيد، وآذان الشودر «2» (أي الأنجاس) إذا سمعت آيات (ويدا) فليصب فيها الرّصاص المذاب!
أما الرسالة المحمّدية فهي الأولى، والأخيرة من رسالات الله التي جعلها الله للناس كافة، أحمرهم، وأصفرهم، وأبيضهم، وأسودهم، عربا كانوا أو عجما، من الصين شرقا إلى أقصى الجزائر البريطانية شمالا،
__________
(1) ويدا: هي الكتب المقدسة التي يدعي الهنادك أنها منزلة على أنبيائهم من السماء، وتجمع مجموعة كتب «ويدا» مبادىء الهندوكية، وهي الكتب الأربعة، منها «ريجي ويدا (Rigveda) «و «ياجورويدا (Yajur veda) «و «ساماويدا (Sama Veda) «و «أترويدا، (Athar Veda) «وكل من هذه الويدات الأربعة يشتمل على أربعة أجزاء هي: «سمهيتا (Samhita) «و «برهمان (Brahman) «و «آرانياك (Aranyaka) «و «أوبانيشاد (Upanis had) «وقد كتبت هذه الويدات الأربعة في لغة سنسكريتية بالأناشيد والأغاني، التي اعتاد الآريون القدماء أن يتغنوا بها، ومن المرجّح أنّ تاريخ تأليفها يرجع إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد. (Hinduism p. 7 by:Lowis Renon) .
(2) الشودر: ومعنى الكلمة هذه في اللغة السنسكريتية وغيرها في كثير من اللغات الهندية القديمة: المنبوذ، المتروك، المهمل، وتعرف هذه الطبقة في اللغة الهندية الحديثة اليوم، وكذلك في اللغة الأردوية باسم «أجهوت» أي: «المنبوذون» .

الصفحة 181