كتاب الرسالة المحمدية
الله ذلك وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ [الفرقان: 74] .
التضحية والأضاحي والقربان:
وكان قتل المرء نفسه مما يتقرّب به الأقدمون إلى الآلهة، فكانوا ينذرون لآلهتهم قرابين بشرية تذبح كالأضاحي استرضاء للآلهة، فإذا سفكت دماء البشر لهذا الغرض نثرت دماؤهم على الأوثان، وربما أحرقت لحوم الأضاحي، وجمرت بها الأصنام، وبخرت بدخانها، ولأجل ذلك كان اليهود يحرقون لحوم الأضاحي، أمّا الإسلام فقد بيّن رسوله الكريم الغرض من الأضاحي، وحرّم ذبح الإنسان، وتقديمه قربانا، وأحل تضحية البهائم إلا أنه نهى أن يرش دم الأضاحي، أو تحرق لحومها، وقد ذكر الله عز وجل ما في التضحية من منافع للعباد بقوله وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج: 36- 37] أمّا العقيدة الفاسدة في التضحية فقد حملت الناس على أن يحسبوا أنّهم يملكون حياتهم، وموتهم، ويملكون أولادهم على حياتهم وزعموا أنهم يملكون أزواجهم، حياتهن وموتهن، وهذه العقيدة الفاسدة قد جرّت شرّا عظيما، وفسادا كبيرا في الحياة الاجتماعية، فأباحوا لأنفسهم الانتحار، وقتل الأولاد، ووأد البنات، وذبح الأبناء على النّصب، والأوثان، وانتحار الحلائل، أو إحراقهن أنفسهن بعد موت أزواجهن، وغير ذلك من المفاسد التي محاها الإسلام، واجتثّها من أصولها منذ أذّن في النّاس: أنّ النفوس لله، هو الذي يملكها، ولا يملكها أحد غيره، ولا تقتل نفس إلا بحقّ الله، لذلك لا يحلّ في الإسلام أكل لحم ذبيحة لم يذكر اسم الله عند ذبحها، والذي ينتحر؛ فإن الجنّة محرمة عليه، أما في أوربا المتحضرة وأمريكا المتمدنة فإنّ الانتحار لا يزال أفضل وسائل النجاة من مضائق الحياة وآلامها، والدول التي تحاول عبثا أن تأخذ على أيدي المنتحرين، فتذهب مساعي الحكام، والولاة
الصفحة 212
224