كتاب مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لمحمد بن عبد الوهاب
وقال تعالى {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} [البقرة: 118]- الآية (¬1) وقال تعالى {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} [القمر: 43] (¬2) ؟ - الآية وسورة اقتربت التي ذكر فيها انشقاق القمر وإعراضهم عن الآيات وقولهم {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2] (¬3) وقال فيها {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} [القمر: 4] (¬4) . أي يزجرهم عن الكفر زجرا شديدا، إذ كان في تلك الأنباء صدق الرسل والإنذار بالعذاب الذي وقع بالمتقدمين. ولهذا يقول عقيب كل قصة {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: 16] أي عذابي لمن كذب رسلي، وإنذاري لهم بذلك قبل مجيئه.
ثم قال {أَكُفَّارُكُمْ} [القمر: 43] أيتها الأمة {خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} [القمر: 43] الذين كذبوا الرسل من قبلكم {أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ - أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ} [القمر: 43 - 44] (¬5) وذلك أن كونكم تعذبون مثلهم. إما لكونكم لا تستحقون ما استحقوا، أو لكون اللَّه أخبر أنه لا يعذبكم فهذا بالنظر إلى فعل اللَّه. وأما بالنظر إلى قوة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم - وأتباعه. فيقولون {نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ} [القمر: 44] فإنهم أكثر وأقوى، كما قالوا {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} [مريم: 73]- إلى قوله - {أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مريم: 74] (¬6)
¬_________
(¬1) آية 118 من سورة البقرة.
(¬2) آية 43 من سورة القمر.
(¬3) آية 4 من سورة القمر.
(¬4) آية 16 من سورة القمر.
(¬5) الآيتان 43 - 44 من سورة القمر.
(¬6) من الآية 73 ومن الآية 74 سورة مريم.