كتاب مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لمحمد بن عبد الوهاب

واشتد إنكار قريش لذلك. وزعموا: أنهم وجدوا مقالا. فقالوا قد أحل محمد الشهر الحرام. واشتد على المسلمين ذلك حتى أنزل اللَّه {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة: 217] (¬1) الآية يقول سبحانه هذا الذي أنكرتموه - وإن كان كبيرا - فما ارتكبتموه وترتكبونه من الكفر باللَّه والصد عن سبيله وبيته وإخراج المسلمين منه أكبر عند اللَّه.

[معنى الفتنة]
معنى الفتنة و " الفتنة " هنا الشرك كقوله {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] (¬2) وقوله {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] (¬3) أي لم تكن عاقبة شركهم وآخرة أمرهم إلا أن أنكروه وتبرءوا منه.
وحقيقتها: الشرك الذي يدعو إليه صاحبه ويعاقب من لم يفتتن به. ولهذا قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} [البروج: 10] (¬4) الآية فسرت بتعذيب المؤمنين وإحراقهم بالنار ليرجعوا عن دينهم.
وقد تأتي " الفتنة " ويراد بها: المعصية. كقوله تعالى {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: 49]- الآية (¬5) وكفتنة الرجل في أهله وماله وولده
¬_________
(¬1) من الآية 217 من سورة البقرة.
(¬2) من الآية 193 من سورة البقرة.
(¬3) آية 23 من سورة الأنعام.
(¬4) من الآية 10 من سورة البروج.
(¬5) من الآية 49 من سورة التوبة.

الصفحة 150