كتاب السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي

الذي بين أيدينا، يتحتّم قيامها على الخصائص وصيغ العمل التالية:
1- أن تبنى بأسلوب عصريّ علميّ، فما من شكّ في أنّ مناهج البحث المعاصرة ومعطيات العلوم الحديثة تقدّم وسائل جيّدة للمؤرّخ ما كان يملكها الباحثون القدماء، وبالتالي فإنها تساعد على الاقتراب أكثر من طبيعة الحدث التاريخي وتركيبه وعرضه بالصّيغ الأكثر دقّة، ويبدو أنّ من فضول القول، أن نشير هاهنا إلى أنّ هذه المناهج، وتلك المعطيات العلمية؛ ترتد في أصولها وبدرجة كبيرة- إلى معطيات الحضارة الإسلامية في هذه المجالات، وهي مسألة أكّدها الباحثون الغربيون أنفسهم في العديد من مؤلّفاتهم.
وبمقدور المرء أن يلقي نظرة على السياق المنهجي للكتاب وعلى تهميشاته لكي ما يلبث أن يتبيّن له ما يتميّز به مؤلّف الندوي من تركيز، وتماسك، ومتابعة للحدث التاريخي الأساسي، دون خروج إلى تفاصيل جانبية، وما يلتزم به من توثيق للمعلومات من خلال تثبيت المصادر والمراجع بأجزائها وصفحاتها، وبشرح المفردات وتحديد الأعلام.
أمّا اللغة فهي سلسة واضحة تسعى إلى التوصيل بأكبر قدر من الوضوح، وتتجاوز التعقيد والإغماض حتى في تعاملها مع النصوص المستمدّة من المصادر القديمة.
وقد يختلف المرء مع المؤلّف في أمر واحد وهو أنّه لم يعتمد منهج التقسيم الموضوعي لأحداث السيرة ومفرداتها، وإنّما التزم خطّ التسلسل الزمني للأحداث رغم تقاطعها النوعي من حين لآخر، وهو منهج اعتمده معظم الباحثين المعاصرين في السّيرة.
2- أن تعتمد على خير ما كتب في القديم والحديث، ذلك أنّ البحث الجادّ هو- بشكل من الأشكال- عمل نقديّ انتقائيّ، لا يستسلم بسهولة

الصفحة 12