كتاب إرواء الظمي بتراجم رجال سنن الدارمي

يُنْبِئُ بِذَلِكَ".

(٢) إِمَامَتُهُ فِي الفِقْهِ، وَتَضَلُّعُهُ منه:
لا شَكَّ أَنَّ مَنْ يَجُوْلُ تِلْكَ الأَصْقَاع وَالأَقَالِيْم، بَاحِثًا عَنْ أَحَادِيْثِ رَسُوْلِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وَآثَارِ أَصْحَابِهِ -رضي الله عنهم-، وَجَامِعًا لَهَا، وَمُذَاكِرًا بِهَا كِبَارَ أَئِمّتِهَا، لا شَكَّ أَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ تَكُوْنُ عِنْدَهُ الأَهْلِيّة الكَافِيَة لِمَعْرِفَةِ الصَّحِيْحِ وَالسَّقِيْم مِنَ السُّنّةِ النَّبَوِيّةِ، وَالأَهْلِيّة الكَافِيَة للاجْتِهَادِ، وَاسْتِنْبَاطِ الأَحْكَامِ الشَرْعِيَّةِ، فَلا يُقَلِّدُ أَحَدًا؛ بَلْ يَكُوْنُ فِي ذَلِكَ مُجْتَهِدًا، يَدُوْرُ مَعَ الدَّلِيْلِ حَيْثُ دَار، غَايَتُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ رِضَا الوَاحِد الجَبَّار.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيم بْنِ مَنْصُور الشِّيْرَازِي: "كَانَ عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقِيْهًا عَالِمًا" (¬١).
وَقَالَ ابْنُ حِبَّان فِي "الثِّقَات" (¬٢): "كَانَ مِمَّنْ تَفَقَّه".
وَقَالَ نَجْمُ الدِّيْن عُمَرُ بْنُ مُحَمَّد النَّسَفِي: فِي "القَنْد" (¬٣): "كَانَ فِي غَايَةٍ مِنَ الفِقْهِ".
وَقَالَ الذَّهَبِي فِي "تَارِيْخِهِ" (¬٤): "كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْم، يَجْتَهِدُ وَلا يُقَلِّدُ".

(٣) نَمَاذِجُ مِنِ اخْتِيَارَاتِهِ الفِقْهِيّةِ:
مِنْ ذَلِكَ اخْتِيَارُهُ: حَدِيْثَ وَابِصَة بْنِ مَعْبَد فِي مَسْأَلَةِ صَلاةِ الرَّجُلِ خَلْفَ
---------------
(¬١) "تَهْذِيْب الكَمَال" (١٥/ ٢١٥).
(¬٢) (٨/ ٣٦٤).
(¬٣) (ص: ١٧٣).
(¬٤) (١٩/ ١٧٩ - ١٨٠).

الصفحة 29