كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي ط 2

تَجَوُّزَ - فيها - كان كَذِباً.

وحُكم مَنْ ثبت عنه التدليس-إذا كان عَدْلاً-: أن لا يُقْبَلَ منه إلا ما صَرَّح فيه بالتحديث، على الأصح (¬1).

وكذا المرسَلُ الخفي، إذا صَدَرَ من معاصرٍ (¬2) لَمْ يَلْقَ مَنْ حدَّث عنه، بل بينه وبينه واسطةٌ.
والفرق بين المُدَلَّس والمُرْسَل الخفي دقيقٌ، حَصَل تحريره بما ذُكِر هنا: وهو أن التدليس [13/أ] يَختص بمن روى عمّن عُرِفَ لقاؤه إياه.
فأمّا إن عاصره، ولم يُعْرَفْ أنه لقيه، فهو المُرْسَل الخفي.
ومَنْ أدخل في تعريف التدليس المعاصَرَةَ ولو بغير لُقِيٍّ، لَزِمَهُ دخولُ المرسَل الخفيِّ في تعريفه. والصواب التفرقة بينهما.
ويَدل على أنّ اعتبار اللُّقِيّ في التدليس -دون المعاصرةِ وحدها- لابد منه: إِطباقُ أهل العلم بالحديث على أنّ روايةَ الْمُخَضْرَمين، كأبي عثمان النَّهْدِي (¬3)، وقيس بن أبي حازم (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قَبِيلِ الإرسال، لا من قبيل التدليس، ولو كان مجرد المعاصرة يُكْتَفى به في التدليس لكان هؤلاء
¬_________
(¬1) في الأصل حاشية بخط المصنف، نصها: "بلغ قراءة بحث عليّ".
(¬2) أَيْ: في أَيِّ موضعٍ مِن السند؛ فالمرسل الخفيّ لا يُشترطُ له موضعٌ في السند؛ بخلاف المرسل الظاهر الذي هو قول التابعيّ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنّ هذا هو موضعه.
(¬3) هو عبدالرحمن بن مُلٍّ بن عمرو، مخضرم، شهد اليرموك والقادسية وغيرهما، ت 95 هـ عن مئة وثلاثين سنة.
(¬4) هو قيس بن أبي حازم البَجَلي، أبو عبدالله الكوفيّ، مخضرم، روى عن العشرة المبشرين بالجنة إلا عبدالرحمن بن عوف، ت 90 هـ، وقد جاوز المئة.

الصفحة 102