كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي ط 2

ومِن القرائن، التي يُدرَكُ بها الوضعُ، ما يُؤخذُ مِن حال الراوي.
كما وقع للمأمون بن أحمد (¬1) أنه ذُكِرَ بحضرته الخلاف في كون الحَسَن (¬2) سمع من أبي هريرة أَوْ لا، فساق في الحال إسناداً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: سَمِعَ الحسنُ مِن أبي هريرة.
وكما وَقَع لغياث بن إبراهيم (¬3)، حيث دخل على المهدي (¬4) فوجده يلعب بالحَمَام؛ فساق في الحال إسناداً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: ((لا سَبَق إلا في نَصْلٍ أو خُفٍّ أو حافرٍ أو جَناحٍ))، فزاد في الحديث: "أو جناح"؛ فَعَرف المهديُّ [14/أ] أنه كذَب لأجله فأَمر بذبح الحمام (¬5).
ومنها: ما يؤخذ مِن حال المروي، كأنْ يكون مناقضاً لنصِّ القرآن، أو السنة المتواترة، أو الإجماع القطعي، أو صريحِ العقل، حيث لا يَقْبلُ شيءٌ مِن ذلك التأويلَ.
¬_________
(¬1) هو مأمون بن أحمد الهروي، السُّلَمِي، دجّال مِن الدجاجلة، وضع أحاديث كثيرة ظاهرة السقوط.
(¬2) هو الحسن بن يسار البصري، 21 - 110 هـ، رضع مِن أُمّ سلمة أم المؤمنين، كان مِن سادات التابعين وكبرائهم، جمع كل فنٍّ: مِن علمٍ، وزهدٍ، وورعٍ، وعبادةٍ، مع غاية الفصاحة.
(¬3) هو غياث بن إبراهيم، النخعي، أبو عبدالرحمن، تركوه، قال أبو داود: كذاب.
(¬4) هو محمد بن عبدالله بن محمد الهاشمي، الخليفة العباسي، الملقب بالمهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصور، 127 - 169 هـ.
(¬5) الحديث عند أبي داود، 2574، الجهاد، والترمذيّ، 1700، الجهاد، وقال: حديث حسن. والنسائي، 3585، و 3586، الخيل، وغيرهم، دون قوله: "أو جناح"، وخَبَرُ غياثٍ مع المهديّ مذكور في "تاريخ بغداد"، 12/ 324.

الصفحة 107