كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي ط 2

ثم المروي:
1 - تارةً يخترعه الواضع.
2 - وتارةً يأخذ كلام غيره: كبعضِ السلف الصالح، أو قدماء الحكماء، أو الإسرائيليات.
3 - أو يأخذ حديثاً ضعيفَ الإسنادِ فيركِّبَ له إسناداً صحيحاً لِيَرُوْجَ.

والحامل للواضع على الوضع:
1 - إما عدمُ الدين كالزنادقة.
2 - أو غلبةُ الجهل كبعض المتعبِّدين.
3 - أو فَرْط العصبية، كبعض المقلِّدين.
4 - أو اتِّباع هوى بعضِ الرؤساءِ.
5 - أو الإغرابُ لقصْدِ الاشتهارِ.

وكلُّ ذلك حرامٌ بإجماعِ مَنْ يُعْتَدُّ به، إلا أن بعض الكِرَّامية (¬1)، وبعض المتصوفة نُقِلَ عنهم إباحةُ الوضع في الترغيب والترهيب، وهو خطأٌ مِن فاعله، - نشأَ عن جهلٍ، لأن الترغيب والترهيب مِن جُمْلة الأحكام الشرعية، واتفقوا - على أنّ تعمُّدَ الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن الكبائر (¬2)، وبالغ (¬3)
¬_________
(¬1) هكذا ضُبطتْ في الأصل، بكسر الكاف، والصواب: بفتحها. و"الكرَّامية"، هم أتباع محمد بن كرّام القائل بالتجسيم والتشبيه لله تعالى بخلقه. يُنظر: الملل والنحل، للشهرستاني، 1/ 108، وهم-ومَن نُقِل عنه هذا القول- ممن لا يُعْتَدُّ بهم؛ فلا يؤخذ عنهم شيءٌ مِن منهج المحدِّثين في هذا الباب.
(¬2) بل منه ما هو مخرجٌ مِن الملّة، وذلك بحسب الدافع له.
(¬3) لماذا بالغ؟ ! لا شكّ عندي في كفر صاحب أنواعٍ مِن الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومِن ذلك: الكذب الذي يَحْصل مِن صاحبه بدافع الرغبة في الطعن في الدِّين، وكذلك الكذب الذي يحصل مِن صاحبه بدافع الرغبة في تحريف الدين، كالكذب لابتداع بدعةٍ؛ فإنّ هذين النوعين مِن الكذب يجتمع فيهما الكذب والطعن في الدين، والتشريع مِن دون الله، ومعلومٌ أن الإقدام على وضْعِ تشريعٍ بديل عن شرع الله كفرٌ، بخلاف مجرد الكذب الذي هو هفوة، وإنْ كان الكذب على رسول الله كذباً عليه وعلى الله؛ فهو هفوةٌ كبيرة خطيرة.

الصفحة 108