وكذا الرابع، والخامس، فَمَنْ فَحُشَ غلَطُهُ، أو كَثُرَتْ غَفْلَتُهُ، أو ظَهَرَ فِسْقُهُ، فحديثه منكَرٌ (¬1).
ثم الوهم: -وهو القِسْم السادس، وإنما أُفْصِحَ به لطول الفصل- إن اطُّلِعَ عليه، أي الوهم، بالقرائن الدالة على وهَم راويه -مِن وصْلِ مرسلٍ أو منقطعٍ أو إِدخالِ حديثٍ في حديثٍ، أو نحو ذلك مِن الأشياء القادحة، وتَحْصل معرفة ذلك بكثرة التتبع وجَمْع الطرق- فهذا هو المعلَّل.
وهو مِن أَغْمضِ أنواعِ علومِ الحديثِ وأدقِّها، ولا يقوم به إلا مَنْ رزقه الله تعالى فهماً ثاقباً، وحفظاً واسعاً، [14/ب] ومعرفةً تامة بمراتب الرواة، وملَكَةً قويةً بالأسانيد والمتون؛ ولهذا لم يَتكلم فيه إلا القليل مِن أهل هذا الشأن: كعلي ابن - المديني، - وأحمد بن حنبل، والبُخَارِيّ، ويعقوب بن شيبة (¬2)، وأبي حاتم،
¬_________
(¬1) قال د. نور الدين عتر معلقاً على هذا بقوله: "هذا مسلك جديد في استعمال مصطلح "منكر"، غير السابق ... ، فللمنكر استعمالان:
الأول: السابق، وهو ما رواه الضعيف مخالفاً لِمَنْ هو أقوى منه.
الثاني: المنكر: ما تفرد به راويه، خالف أو لم يخالف، ولو كان ثقة، وعليه كثير من المتقدمين، فتنبه لذلك".
قلتُ: هذا خلطٌ بين إطلاق: "منكر الحديث" وبين إطلاق: "له مناكير"؛ أَيْ: أحاديث تفرد بها، وهُما ليسا بمعنىً واحدٍ؛ إذ: "منكرُ الحديث" تضعيفٌ للراوي، أما "له مناكير" فليس تضعيفاً.
(¬2) هو يعقوب بن الصلت، أبو يوسف البصري، نزيل بغداد، 189 - 262 هـ، مِن كبار علماء الحديث.