شيخ أبي داود والنسائي، في كتابه "معرفة الرجال"، فقال في وصْف الرواة: ((ومنهم زائغٌ عن الحق - أي عن السنة - صادقُ اللهجة؛ فليس فيه حيلةٌ إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكَراً، إذا لم يُقَوِّ به بدعته)) انتهى.
وما قاله مُتَّجِهٌ؛ لأن العلةَ التي لها رُدَّ حديثُ الداعية واردةٌ فيما إذا كان ظاهرُ المرويِّ يوافِق مذهبَ المبتدع، ولو لم يكن داعيةً، والله أعلم (¬1).
ثم سوءُ الحِفْظ: وهو السببُ العاشر مِن أسباب الطعن، والمراد به: مَنْ لم يَرْجَحْ - جانبُ إصابته على جانب خطئه، وهو على قِسْمَين:
1 - إن كان لازماً للراوي في جميع حالاته فهو الشاذُّ، على رأيِ بعض أهل - الحديث.
¬_________
(¬1) تعليق على رواية المبتدع:
الصواب: أن ينظر في هذا المبتدع إذا كان ليس ممن يكفر ببدعته إجماعاً، وكان من أهل الصدق والضبط، فإن روايته مقبولة مطلقاً، سواء كان غالياً أو غير غالٍ، داعيةً إلى بدعته أم غير داعية، أيدتْ روايتُه بدعَتَه أم لم تؤيدها؛ لأن الراوي إما أن يكون ثقةً أو غير ثقة، فإن كان غير ثقة رُدَّتْ روايته مطلقاً، وإن كان ثقة قُبِلتْ روايته مطلقاً، إلا أن يتبين خطؤه فيها.
أما أن يكون الراوي ثقةً في مجال، أو روايةٍ، غير ثقةٍ في مجالٍ، أو في روايةٍ، فهذا لا يستقيم على أصول منهج المحدثين، ولا يستقيم في حكم العقل.