كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي ط 2

وإنما كان له حكم المرفوع؛ لأن إِخْبَارَهُ بذلك يقتضي مُخْبِراً له، وما لا - مجال للاجتهاد فيه يقتضي موقِّفاً للقائل به، ولا مُوَقِّفَ للصحابة إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو بعضُ مَنْ يُخْبِرُ عن الكتب القديمة (¬1)؛ فلهذا وَقَعَ الاحتراز
¬_________
= بعضهم أن تفسير الصحابة له حكم المرفوع، وأن ما يقوله الصحابي، مما لا مجال فيه للرأي مرفوع حكماً كذلك: فإنه إطلاقٌ غير جيد، لأن الصحابة اجتهدوا كثيراً في تفسير القرآن، فاختلفوا، وأفتوا بما يرونه من عمومات الشريعة تطبيقاً على الفروع والمسائل، ويظن كثير من الناس أن هذا مما لا مجال للرأي فيه. وأما ما يحكيه بعض الصحابة من أخبار الأمم السابقة، فإنه لا يعطى حكم المرفوع أيضاً، لأن كثيراً منهم، - رضي الله عنهم -، كان يروى الإسرائيليات عن أهل الكتاب، على سبيل الذكرى والموعظة، لا بمعنى أنهم يعتقدون صحتها، أو يستجيزون نسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حاشا وكلا". "الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث"، ص 47، حاشية 2. وهذا تحقيق نفيس.
وقد قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في "الفتاوى": 13/ 340: "وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: نزلت الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند، فالبُخَارِيّ يُدْخله في المسند، وغيره لا يُدْخله في المسند، وأكثر المساند على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره؛ بخلاف ما إذا ذكر سبباً نزلت عقبه، فإنهم كلهم يُدخِلون مثل هذا في - المسند".
(¬1) الكتب القديمة: المقصود بها الإسرائيليات التي أُخذتْ عن أهل الكتاب.
قال الإمام ابن كثير: "المقطوع: وهو الموقوف على التابعين قولاً وفعلاً، وهو غير الْمُنْقطِع، وقد وقع في عبارة الشافعي والطبراني إطلاقُ "المقطوع" على مُنْقطع الإسناد غيرِ الموصول". "الباعث الحثيث" ص 46.

الصفحة 129