الرازي من الحنفية (¬1)، وابن حزم (¬2) من أهل الظاهر، واحتجوا بأن السُّنَّةَ تتردد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين غيره.
وأُجِيبوا: بأنّ احتمال إرادةِ غيرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعيدٌ، وقد روى البُخَارِيّ في "صحيحه" (¬3) في حديث ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه في قصته مع الْحَجَّاج حين قال له: ((إن كُنْتَ تُريدُ السُّنَّةَ فَهَجِّرْ بالصلاة)) قال ابن شهاب: فقلت لسالمٍ: أَفَعَلَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ((وهل يَعْنون (¬4) بذلك إلا سُنَّتَهُ؟ ! ))، فَنَقَلَ سالمٌ -وهو أحدُ الفقهاء السبعة (¬5) مِن أهل المدينة، وأحدُ الحفَّاظِ مِن التابعين- عن الصحابة أنهم إذا أَطلقوا السُّنَّة لا يريدون بذلك إلا سُنَّةَ النبي - صلى الله عليه وسلم -.
¬_________
(¬1) هو أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص، من أئمة الحنفية، 305 - 370 هـ، من كتبه: "أحكام القرآن"، وهو مطبوع.
(¬2) هو علي بن أحمد بن سعيد الشهير بابن حزم، المحدث الحافظ، 384 - 456 هـ، إمامٌ من أئمة المذهب الظاهري، قد ناصر المذهب بتآليفه فيه، منها: "المحلى" في الفقه، و"الإحكام في أصول الأحكام" في أصول الفقه، وله: "الفِصَل في المِللِ والأهواءِ والنحل"، وكلامه في: "الإحكام في أصول الأحكام" 2/ 202.
(¬3) برقم 1662، الحج.
(¬4) كذا في الأصل، وفي صحيح البخاري: "يتبعون"، وذكر الحافظ في فتح الباري، 3/ 514، أن في بعض النسخ: "يبتغون".
(¬5) وهم: خارجة بن زيد، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وعبيد الله ابن - عبد الله بن عتبة، وسعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، ويشكل على هذا أن سالماً ليس معدوداً فيهم.