[2/أ] بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال الشيخ العلامة الرحلة (¬1)، شيخ الإسلام، علَم الأعلام، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد العسقلاني، الشهير بابن حجر، الشافعي، فسح الله في مُدّته (¬2)، وأعاد على المسلمين من بركته:
الحمد لله الذي لم يزل عالماً (¬3) قديراً، حياً قيوماً سميعاً بصيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأُكَبِّرُه تكبيراً، وصلى الله على سيدنا محمد الذي أرسله إلى الناس كافة (¬4) بشيراً ونذيراً وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث، قد كثرت للأئمة في القديم والحديث.
فمِن أوّلِ مَن صَنَّفَ في ذلك (¬5):
¬_________
(¬1) الرحلة: المقصود بها: مَن يُرحَلُ إليه؛ لعلمه.
(¬2) هذا دليلٌ على أنّ هذه النسخة قد كُتِبَت في حياة المؤلف، رحمه الله تعالى.
(¬3) هكذا في الأصل. وفي نسخةٍ: "عليماً". وهذا هو الأَوْلى، وهو المطابق للآيات ووزن ما بعدها.
(¬4) قوله: "كافة". غير موجود في بعض النسخ.
(¬5) أَوّلِيّة علم المصطلح والمؤلفات فيه:
فيما يتعلق بأولية التأليف فيه ينبغي أن يُلاحظ الآتي:
1 - عبارة المؤلف هنا "فَمِن أول من صَنَّفَ في ذلك ... "، وفي تدريب الراوي 1/ 52 للسيوطي نقلاً عن المصنف: "أول مَن صَنَّفَ ... "، وكأَنّ ((مِن)) سقطت خطأً في أثناء النقل والنّسْخ.
2 - الأولية هنا إنما هي في التأليف في المصطلح مجموعاً مستقلاً، وقد سَبَق بعضُ الأئمة في الكتابة في علوم الحديث الإمامَ الرامهرمزيَّ، كالإمام مسلم، والإمام الترمذي.
3 - لا ينبغي أن يُفْهم مِن الوصف بالأوليةِ الأوليةُ الحرفية: بأن نعتقد أنه لم يؤلِّف أحدٌ قبل الرامهرمزي، بل المقصود أنه معدودٌ في المصنفين الأوائل، أو أنه ممن تقدم زمنه بالتصنيف في هذا العلم.
وهذا الفهم جارٍ على ما يجب فهمه من إطلاق الوصف بالأولية في أغلب استعمالات الناس.
4 - وجود علم المصطلح لم يكن متوقفاً على الكتابة فيه، باعتباره علماً مستقلاً، بل وجوده سابق على هذه المرحلة بكثير، وإنما وُجِدَتْ قواعده الأساسية ببداية النقل والرواية في الإسلام أَيْ: منذ كان القرآن ينزل والرسول - صلى الله عليه وسلم - حياً ويتلو كتاب الله ويُحَدِّثُ أصحابه.