عَلِم أنّ المحدِّثين بعد الخطيب عيالٌ على كُتُبِهِ)) (¬1).
ثم جاء بعضُ مَنْ تأخر عن الخطيب، فأَخذ مِن هذا العلم بنصيبٍ:
5 - فَجَمع القاضي عياض (¬2) كتاباً لطيفاً سَمَّاهُ: "الإلماع" (¬3).
6 - وأبو حفْصٍ الميانجي (¬4) جزءاً سَمَّاهُ: "ما لا يسعُ المحدِّثَ جَهْلُهُ" (¬5).
¬_________
(¬1) قال عنه في ترجمته في"التقييد في رواة السنن والمسانيد": ((وله مصنفاتٌ في علوم الحديث لم يُسْبق إلى مثلها، ولا شبْهةَ عند كل لبيب أن المتأخرين مِن أصحاب الحديث عيالٌ على أبي بكر الخطيب))، 1/ 169 - 170، بيروت، دار الحديث، 1407 هـ-1986 م، وقال عنه أيضاً: ((ومات عن نيّفٍ وخمسين مصنَّفاً، سِوى ما وُجد في الرقاع غير مفروغٍ منه، وانتهى إليه الحفظ والإتقان، والقيام بعلوم الحديث))، 1/ 171.
(¬2) هو عياض بن موسى بن عياض اليحصبيّ السَّبْتِيّ، 476 - 544 هـ.
(¬3) هو: "الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع". وقد نشرتْه دار التراث بالقاهرة، والمكتبة العتيقة بتونس، الطبعة الأولى 1389 هـ- 1970 م، بتحقيق السيد أحمد صقر. وهو من أنفس الكتب في بابه، يُعَدُّ متخصصاً في هذا الموضوع، وهو الذي أَخذَ فكرته ومادته د. أسد رستم في كتابه: ((مصطلح التاريخ))، وهو كتاب قد أشاد فيه بمنهج المحدثين، وبمنهج القاضي عياض وما أورده في هذه الرسالة اللطيفة عن أصول الضبط والنقد.
وقد نقل ابن الصلاح في مقدمته كثيراً مما عَرَض له القاضي عياض، وهذه معلوماتٌ لا يستغني عنها طالب العلم بعامة، ولا سيما في كتابة البحوث العلمية تحقيقاً أو دراسة، وطالب الحديث بخاصة.
(¬4) هو عمر بن عبد المجيد بن الحسن المَيَانِشي والميانجي، نسبةً إلى مَيانِش قرية بإفريقية. نزيل مكّة، شيخ الحرم، المتوفى 581 هـ.
(¬5) قد تواردَ كلام المتخصصين على أن الأمر بعكس ما يحمله عنوان هذه الرسالة، وأنّ المحدِّث يَسَعُهُ جهْلُ ما في هذه الرسالة التي جاءت في نحو سبع صفحات، وليست كلها في أمورٍ مهمة! .
فكتاب الميانجي اسمه أكبرُ مِن واقعه. صحيح أنه صاغ شيئاً مما لا يسع المحدِّث جهله في وريقات إلاّ أن ما يحتاج إليه المحدِّث أكبر من ذلك بكثير.