ولاحَ بهذا التقريرِ الفرقُ بين العلم الضروريّ والعلم النظريّ:
1 - إِذِ الضروريّ يفيدُ العلمَ بلا استدلالٍ، والنظريّ يفيده، لكن، مع الاستدلال على الإفادة.
2 - وأن الضروريَّ يَحْصُلُ لكلِّ سامعٍ، والنظريَّ لا يَحْصُلُ إلا لمن فيه أهليةُ النظر.
وإنما أُبْهِمَتْ شروط المتواتر في الأصل (¬1)؛ لأنه على هذه الكيفية ليس من مباحثِ علمِ الإسناد (¬2).
إذْ علمُ الإسنادِ يُبحث فيه عن صحة الحديث أو ضعفه؛ لِيُعْمَلَ به أو يُتْرَكَ من حيث: صفاتُ الرجال وصِيَغُ الأداءِ (¬3)، والمتواتر لا يُبْحَث عن رجاله، بل يجِبُ العمل به من غير بحث (¬4).
¬_________
(¬1) يَقصد المؤلفُ بالأصل: "نخبة الفِكَر: (ص 197) من هذا الكتاب، مِن هذه الطبعة.
(¬2) وإنما هو من مباحث علم الأصول.
(¬3) وقوله: "صفات الرجال"، أَيْ: أحوال الرواة من حيث الثقة وعدمها، ودرجات كلٍّ منهما. و"صِيغ الأداء" هذه للتعرف على طرق التحمّل، وتَبَيُّنِ الاتصال مِن عدمه، ويُنْظر تفصيل هذا الموضوع عند ابن الأثير في "جامع الأصول .. " 1/ 78 - 90. وقوله: " من غير بحث"، أقول: لكن، يُبْحث عنه مِن حيث تحديد شروط التواتر وصفاته، وإنما يوردونه في مصطلح الحديث لهذا الغرض.
(¬4) المتواتر والآحاد:
الخبر إما أن تكون له طرقٌ: كثيرة مِن غير حصرِ عددٍ معين، فهذا إذا توافرت فيه =