. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= في توافر صفات التواتر وشروطه، فإنْ عُلِم فيه ذلك عُلِمتْ إفادته العلم اليقيني -القطعي- الضروري.
ويظهر لي أن مَن قال: إن حديث الآحاد لا يفيد العلم، إنما أراد نفي علمٍ مخصوص؛ وهو العلم القطعي الضروري، لأنه أَطلق العلم عليه خاصة، ولكن، هذا التخصيص فيه نظر؛ لأنا متعبدون شرعاً بكل دليلٍ صحيح يفيد العلم، بغضّ النظر عن كونه علماً يقينياً أو ظنياً، أو كونه ضرورياً أو نظرياً.
فلا يُشترط -مِن حيث الثبوت- أيُّ قيد في صحة الدليل ليصحَّ العمل به، ولذلك جاءت الأدلة الشرعية بالتعبد بأغلبية الظن، فالظن هنا هو الراجح، إذ أن كل دليل صحيح فهو يفيد العلم، ثم قد يكون هذا العلم يقينياً أو ظنياً، وقد يكون ضرورياً أو نظرياً.
وقال بعضهم بأن الحديث الآحاد يفيد العلم، ومراده: العلم النظري، لا الضروري، ثم قد يكون قصْده العلم اليقيني القطعي، أو العلم الظني، ولكن من لا يوافقه على هذا الاصطلاح قد لا يَفْهم مراده؛ فيترتب على ذلك حصول الخلاف بينهما.
على أنه يتبين لنا بالنظر والتدقيق أن الحديث الآحاد ليس كله يفيد العلم الظني، وإنما بحسب النظر في رواته ورواياته، وفق أصول المحدثين، تكون النتيجة، وهو مِن هذه الحيثيّة ينقسم إلى قسمين:
الأول: خبر الآحاد الصحيح الذي لم تَحْتفّ به قرائن تقوِّيه وترفعه إلى درجة القطع، فهذا يفيد العلم الظني النظري.
الثاني: خبر الآحاد الصحيح الذي احتفَّت به قرائن تقوِّيه وترفعه إلى درجة القطع واليقين، فهذا يفيد العلم اليقيني النظري.
حكم حديث الآحاد:
من الْمُسَلَّم به عند جمهور المسلمين أن الحديث إذا صح، قامت به الحجة، دون الالتفات إلى طريق التوصل إلى صحته وثبوته، ودون التفات إلى درجة الثبوت، المهم أن يكون ثابتاً، فالتواتر ليس شرطاً للعمل بالرواية، وإنما الصحة هي الشرط، والتواتر =