والثالث (¬1): العَزِيز: وهو أن لا يَروِيَه أقلُّ مِن اثنين عن اثنين (¬2).
وسُمِّيَ بذلك إمّا لقلةِ وجودِهِ، وإمّا لكونه عَزَّ، أَيْ قَوِيَ بمجيئه من طريقٍ - أخرى -.
وليس شرطاً للصحيح، خلافاً لمن زَعَمَهُ، وهو أبو علي الجُبَّائِي (¬3) مِن المعتزلة، وإليه يومئُ كلام الحاكم أبي عبد الله في "علوم الحديث" (¬4)، حيث قال: ((الصحيح أنْ يرويه الصحابيُّ الزائلُ عنه اسمُ الجَهالة؛ بأن يكون له راويان، ثم يتداوله أهل الحديث إلى وقتنا، كالشهادة على الشهادة)).
وصرّح القاضي أبو بكر بن العربي (¬5) في "شرح البُخَارِيّ" بأنّ ذلك
¬_________
(¬1) وهو الذي أشار إليه في ص 41، ووضعْتُ له رقم 3.
(¬2) الحديث العزيز: "وهو أن لا يرويه أقل من اثنين عن اثنين"، وهذا لا يكفي لتحديد العزيز بل لابد من شرطٍ آخر، وهو تَحَقُّقُ الاثنينية ولو في طبقة واحدة، ولكنه شرطٌ ينبغي أن يكون ملحوظاً بمقتضى تقسيم ابن حجر لأنواع الحديث هذه، وتعريفِ كلٍّ منها. لكنَّ بعض الناس قد يَنْقل عنه تعريف العزيز، مثلاً، وحدَهُ؛ فيُصبِح خطأً؛ لنقْصِ هذا الشرط فيه؛ فتنبَّهْ.
(¬3) هو محمد بن عبدالوهاب أبو علي المعروف بالجبَّائي، 235 - 303 هـ، أحد أئمة المعتزلة، وإليه تُنسب فرقة الجبَّائية منهم.
(¬4) ص 62.
(¬5) هو محمد بن عبدالله بن محمد الإشبيلي، أبو بكر بن العربي، القاضي، 468 - 583 هـ -.