- وتقدُّمهما في تمييز الصحيح على غيرهما.
- وتلقِّي العلماء لكتابيهما بالقبول، وهذا التلقِّي وحده أقوى في إفادة العِلْم مِن مجردِ كثرةِ الطرق القاصرة عن التواتر.
إلا أنّ هذا:
1 - يختصُّ بما لم ينتقدْه أحدٌ من الحفّاظ مما في الكتابين (¬1).
2 - وبما لم يقع [التّجاذبُ] (¬2) بين مدلوليه مما وقع في الكتابين، حيث لا ترجيح؛ لاستحالةِ أن يفيد المتناقِضَان العلمَ بصدقهما من غير ترجيحٍ لأحدهما على الآخر (¬3)، وما عدا ذلك فالإجماع حاصلٌ على تسليم صحته.
¬_________
(¬1) قوله: ((إلا أن هذا يختص بما لم ينتقدْه أحدٌ من الحفاظ مما في الكتابين)): مجموع ما انْتُقِد على الإمامين مِن الأحاديث 210، اتفقا على 32، وانفردا بـ 78، ومسلم بـ 100، والحقيقة أن هذه الأحاديث المنتقدة أجاب عنها ابن حجر في كتابه العظيم "هدي الساري مقدمة فتح الباري" في دراسةٍ مطوَّلةٍ، أجاب فيها عن ذلك على وجْه الإجمال والتفصيل.
(¬2) في الأصل: "التَّخَالُفُ" والمثبت من عدة نسخ، وهي الأليق بالسياق.
(¬3) النصوص الشرعية والتعارض: قوله: ((لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم بصدقهما ... ))، يقال فيه: وهل مثْل هذا واقعٌ في أحاديث الصحيحين؟ ! لا يكفي في هذا الأمرِ الافتراضاتُ النظرية التي لا وجود لها. هذا كلام فيه نظرٌ؛ لأن هذا إنما هو في الظاهر فحسْبُ؛ لأنه في الحقيقة غير واقع، فهذا الكلام ليس مسلّماً على الحقيقة، وإنما يصح بأن يُقَيَّد فيقال: في الظاهر.
والسبب في المنع هو أن التعارض والتناقض في الحقيقة ليس واقعاً في كلام الله تعالى، ولا في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما يقع في الظاهر بالنظر إلى فهم الناظر.