فإن قيل: ((إنما اتفقوا على وجوبِ العملِ به لا على صحته))، منعناه، وسَنَدُ المنعِ: أنهم متفقون على وجوب العمل بكل ما صح، ولو لم يخرّجه الشيخان؛ فلم يَبْقَ للصحيحين في هذا مزيةٌ، والإجماع حاصلٌ على أنَّ لهما مزيةً فيما يَرْجع إلى نفس الصحة.
وممن صرح بإفادة ما خَرّجه الشيخان العلمَ النظريَّ:
1 - الأستاذُ أبو إسحاق الإسفرائيني (¬1).
2 - ومِن أئمة الحديث: أبو عبدالله الحميدي (¬2).
3 - وأبو الفضل بن طاهر (¬3)، وغيرهما (¬4). ويُحْتمل أن يقال: المزية المذكورة كونُ أحاديثهما أصحَّ الصحيح.
ب- ومنها: (¬5) المشهور إذا كانت له طرقٌ متباينةٌ سالمةٌ مِن ضعف الرواة
¬_________
(¬1) هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق، الإسفرائينيّ، ت 418 هـ.
(¬2) هو محمد بن فتوح الأزديّ، 420 - 488 هـ، مِن كتبه: "الجمع بين الصحيحين".
(¬3) هو محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسيّ الشيبانيّ، أبو الفضل، 448 - 507 هـ، عُرف بابن القيسراني، له "شروط الأئمة الستة"، وغيره.
(¬4) في الأصل هنا حاشيةٌ نصُّها: "قال البلقيني في "محاسن الاصطلاح" إن بعض الحفاظ المتأخرين نقل ذلك عن الأستاذ أبي إسحاق والشيخ أبي حامد والقاضي أبي الطيِّب، وتلميذه أبي إسحاق الشيرازي، والسرخسي من الحنفية، والقاضي عبد الوهاب من المالكية، وكثير"، ق 5 أ.
قلت: وكلام البلقيني في "محاسن الاصطلاح"، ص 101.
(¬5) قوله: "ومنها" أَيْ: من الآحاد المحتف بالقرائن: "المشهور" وهو القسم الأكثر طرقاً مِن بين أقسام الآحاد، المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين للحفظ والضبط.
ومعلومٌ أن روايات الثقات إذا تعارضت يرجَّح بينها؛ فيؤخذ برواية الأوثق، وتترك رواية الثقة، وتُعَدُّ رواية الثقة شاذة. والأوثق عند المحدثين يَعْنون به زيادةَ التمكن في الثقة، وذلك يكون بالطرق التالية:
1 - إما بكثرة العدد من الثقات. 2 - أو زيادة التمكن في صفة الثقة. 3 - أو بهما معاً.