كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي ط 2

مَنْ له أدنى ممارسةٍ بالعلم وأخبار الناس أنّ مالكاً، مثلاً، لو شافهه بخبرٍ (¬1) أنه صادقٌ فيه، فإذا انضاف إليه مَن هو في تلك الدرجة ازداد قوةً (¬2)، وبَعُدَ ما يُخْشَى عليه مِن السهو.

وهذه الأنواع التي ذكرناها لا يَحْصل العلمُ بصدقِ الخبرِ منها إلا للعالِمِ بالحديثِ المتبحرِ فيه العارفِ بأحوالِ الرواةِ، المطَّلِعِ على العلل. وكونُ غيره لا يَحْصلُ له العلمُ بصدْقِ ذلك -لقصوره عن الأوصاف المذكورة التي ذكرناها (¬3) - لا يَنفي حصولَ العلمِ للمتبحّر المذكور.
ومحصَّل (¬4) الأنواع الثلاثة التي ذكرناها أنَّ:
الأول: يختص بالصحيحين.
والثاني: بما له طرقٌ متعددة.
والثالث: بما رواه الأئمة.
ويُمْكن اجتماع الثلاثة في حديثٍ واحد، ولا يَبْعُدُ حينئذ القطعُ بصدقه (¬5)، والله أعلم.
¬_________
(¬1) في نسخةٍ زيادة: "لَعَلِمَ".
(¬2) قوله: "فإذا انضاف إليه من هو في تلك الدرجة ... "، أَيْ: زاد العدد في الرواية. مع ملاحظة أنّ المقصود زيادة العدد مِن الأئمة الثقات هؤلاء، أمّا عن غيرهم فقد تتعدد الطرق ولا يصح شيء منها.
(¬3) في قوله: ((المذكورة التي ذكرناها)). نوعُ تكرارٍ يُغْني عنه إحدى اللفظتين.
(¬4) في الأصل حاشيةٌ إلحاقيةٌ هنا، ونصُّها: "قوله: ومحصَّل الأنواع الثلاثة وهي: تقويتُهُ بالقرائنِ وكثْرةِ طُرُقِه، والتسلسل."، ق 5 ب.
(¬5) قوله: "فلا يبعد حينئذ القطع بصدقه". قلتُ: فيكون مشاركاً للمتواتر مِن هذه الحيثية.

الصفحة 63