كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي ط 2

لم يطلقوه.
ويَلْتحِقُ بهذا التفاضلِ (¬1) ما اتفق الشيخانِ على تخريجه (¬2) بالنسبة إلى ما انفرد به أحدهما، وما انفرد به البخاريُّ بالنسبة إلى ما انفرد به مسلمٌ؛ لاتفاق العلماء بعدهما على تلقِّي كتابيهما بالقبول، واختلافُ بعضهم في أيهما أرجحُ. فما اتفقا عليه أرجحُ مِنْ هذه الحيثية مما لم يتفقا عليه.

وقد صَرَّح الجمهور بتقديم صحيح البُخَارِيّ في الصحة، ولم يُوجَد عن أحدٍ التصريحُ بنقيضه (¬3).
وأما ما نُقِلَ عن أبي علي النيسابوري (¬4)، أنه قال: ((ما تحتَ أديم السماءِ أصحُّ مِن كتابِ مسلمٍ)) (¬5)، فلم يُصرِّحْ بكونه أصحَّ مِن صحيحِ البُخَارِيِّ؛ لأنه إنما نَفَى وجودَ كتابٍ أصح من كتابٍ مسلمٍ؛ إذ المنفي إنما هو ما تقتضيه
¬_________
(¬1) هذا إلحاقٌ بموضوع درجات الصحيح، لا إلحاقاً بالمرتبة الأُولى.
(¬2) في الأصل هنا حاشيةٌ، نصُّها: "أَيْ: وقد رواه كل واحدٍ منهم مِن طريقٍ آخر". حاشية"، ق 7 أ.
(¬3) هذا الرجحان إنما هو رجحان البُخَارِيّ في الجملة على مسلم في الجملة: وما كان على شرط البُخَارِيّ ومسلم يجب أن يُراعَى في تحديده أن يكون الرواة في السند على ترتيبهم عندهما، بالنسبة للتلاميذ والشيوخ؛ لأنهما قد يَقبلان رواية راوٍ عن شيخه ذاك، الذي جاءت روايته عندهما أو عند أحدهما، ولا يَقْبلان روايته عن شيخٍ آخر.
(¬4) هو الحسين بن علي بن يزيد النيسابوريّ، أبو عليّ، 277 - 349 هـ.
(¬5) نقله عنه الذهبي في "تذكرة الحفاظ"، 2/ 589، ثم قال عقبه: "قلت: لعل أبا علي ما وصل إليه صحيح البخاري".

الصفحة 72