كتابه (¬1): ((وما قلنا في كتابنا: "حديثٌ [9/أ] حَسَنٌ"، فإنما أردنا به حُسْنَ إسناده عندنا. وكُلُّ (¬2) حديثٍ يُرْوَى، لا يكون راويه متَّهَماً بكَذِبٍ، ويُرْوَى من غير وجهٍ نحوُ ذلك، ولا يكون شاذّاً = فهو عندنا حديثٌ حسنٌ)).
فَعُرِفَ بهذا أنه إنما عَرَّفَ الذي يقول فيه: "حسنٌ"، فقط، أما ما يقول فيه: "حسنٌ صحيحٌ"، أو: "حسنٌ غريبٌ"، أو: "حسنٌ صحيحٌ غريبٌ"، فلم يُعَرِّجْ على تعريفه، كما لم يُعَرِّجْ على تعريف ما يقول فيه: "صحيحٌ"، فقط، أو: "غريبٌ"، فقط، وكأنه ترك ذلك استغناءً، لِشُهْرَتِه (¬3) عند أهل الفن. واقتصر على تعريف ما يقول فيه في كتابه: "حسنٌ"، فقط؛ إمّا لغموضه، وإمّا لأنه اصطلاحٌ جديدٌ؛ ولذلك قَيَّدَه بقوله: ((عندنا))، ولم ينسِبْه إلى أهل الحديث كما فعل الخطابي (¬4).
وبهذا التقرير يندفع كثيرٌ مِن الإيرادات التي طال البحث فيها، ولم يُسْفِر وجْهُ توجيهِها، فلله الحمد على ما أَلْهَم وعَلَّم.
وزيادةُ راويهما، أَيْ: الصحيح والحسن، مقبولةٌ (¬5)، ما لم تَقَع منافيةً
¬_________
(¬1) أي "السنن"، 5/ 758.
(¬2) كذا في الأصل. وجاء في سنن الترمذي: "كل"، ولا يخفى الفرق بين العبارتين.
(¬3) في بعض النسخ: "بشهرته".
(¬4) هو حَمْد بن محمد بن إبراهيم بن الخطّاب البُستيّ، الخطّابي، أبو سليمان، 319 - 388 هـ، له "معالم السنن"، و"غريب الحديث"، و"إصلاح غلط المحدِّثين".
(¬5) زيادةُ الثقة إذا لم تكن مخالِفَةً لمن هو أوثق منه فهي مقبولة، وكذلك حالةُ المخالفة لمن هو أقل ثقة، أو لِمن هو ضعيف. أما المماثل فمتوقَّفٌ فيها.