كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي ط 2

أم لا، والشاهدَ بما حصل بالمعنى كذلك.
وقد تُطْلَقُ المتابعةُ على الشاهدِ، وبالعكس، والأمر فيه سهلٌ (¬1).

واعْلم أنّ تَتَبُّعَ الطُرُقِ: من الجوامع (¬2)، والمسانيد، والأَجْزَاءِ، لذلك الحديث الذي يُظَنُّ أنه فَرْدٌ؛ ليُعْلَمَ: هل له متابِعٌ أم لا؟ هو "الاعتبار".

وقول ابن الصلاح: ((معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد)) قد يُوهِم أن الاعتبار قَسِيمٌ لهما (¬3)، وليس كذلك، بل هو هيئةُ التوصل إليهما.
وجميع ما تقدم من أقسام المقبولِ تَحْصُلُ فائدةُ تقسيمِهِ باعتبارِ مراتبه عند المعارضة (¬4)، والله أعلم.
¬_________
(¬1) قوله: "والأمر فيه سهلٌ"؛ لأن التقوية حاصلةٌ بهما كِلَيْهما، ولا مشاحة في الاصطلاح.
(¬2) الجوامع جَمْع جامعٍ، وهو اسمٌ يُطلق على كتاب الحديث المرتّبة فيه الأحاديث على الأبواب، ويَشمل كل الأبواب، غير مقتصرٍ على بعضها، كصحيح البخاري وصحيح مسلمٍ "المسنَد الصحيح المختصر مِن السنن، بنقل العدل عن العدل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، بخلاف كتاب "السنن"، مثلاً الذي يُقتَصرُ فيه على أحاديث الأحكام، غالباً.
(¬3) أي: يُوهِم أنه قسمٌ مقابلٌ للمتابعات والشواهد، متمم لهما.
(¬4) في قوله: "وجميع ما تقدم من أقسام المقبول ... "إلخ، قلتُ: لكن، ينبغي التنبُّهُ هنا إلى أنَّ مجرد حصول المعارضة في الظاهر ليس مسوِّغاً لأخذِ الأقوى وردِّ القوي؛ لأن الحديث إما أن يَثبتَ؛ فيجب الأخذ به، أو لا يَثبتَ؛ فيجب عدمُ الاحتجاج بمفرده، وفَهْم الأدلةِ والجمْع بينها بابٌ آخر، وهو مِن الأهمية بمكانٍ. والقاعدة الثابتة في هذا الباب هي: أنّ التعارض الحقيقيّ لا يَقع بين الآيات والآيات، ولا بين الأحاديث الثابتة والآيات، ولا بين الأحاديث والأحاديث الثابتة بحالٍ، وهذه قاعدة كان ينبغي أن يُشير إليها المؤلف -رحمه الله- هنا، وأن يؤكِّد عليها.

الصفحة 89